شاركنا على الفيس بوك

الأربعاء، 26 ديسمبر 2012

أبناء الدعوة بالنسب وأبناؤها بالتبنى

أبناء الدعوة بالنسب وأبناؤها بالتبنى 


مقال رائع قرأته قديماً أحببت أن أنقله لإخواني لعل الله ينفعنا به ، جزى الله خيراً من كتبه ومن أوصله لنا .
 
للدعوة ابنان أحدهما بالنسب والآخر بالتبنى ، أما الأول فسمته سمتها ونوره نورها وبهاؤه بهاؤها ، تشعر عندما تراه أنه ربيب القرآن وخريج جامعته ، ينطق الصدق ، ويتحرك بين الناس بأدب النبوة ، وكأنه كان يعيش مع نبيه تحت سقف واحد ، إن حضر تعلقت به العيون ، وإن غاب اشتاقت إليه القلوب ، يغار على حرمات الله أكثر   من غيرته على حرماته هو  .

يشعر فى قرارة نفسه أنه ابن الدعوة الوحيد وكأنها لم تنجب إلا هو ، فهو فى المسجد يجمع الناس على الخير ، وفى العمل له فى قلب كل صاحب له مكان ، يعود المريض ، وياسى المجروح ، وينصح المخطئ فى رفق ، وهو بين أهله مصباح البيت ، وعافية البدن ، وشمس النهار ، وللدعوة فى قلبه كرسي الملك ، نهاره فى أمورها ، وليله مشغول بها وفيها ، جسده بين أهله وعقله مع الأمة الجريحة ، يفكر فى شبابها وشبيبها ونسائها وأطفالها وما يحيط بهم من فتن يدبرها شياطين الإنس والجن .

كم بكى ليالي لفلان العاصي وعلان الشارد وفلانة الهائمة على وجهها الناسية ربها ، كم اعتل بدنه من غير علة وما به من علة إلا جرح المسلمين الغائر من كل منطقة من جسده ، دماء المسلمين تنزف من جسده ، وتأوهات اليتامى والثكالى تخرج من قلبه ، وبيوتهم تهدم فوق رأسه ، يجوعون فيجوع ويشبعون فيشبع ، ماله للدعوة ، ووقته للدين ، ومع ذلك يقول ما قاله أويس القرني – رحمه الله – بعد أن تصدق بكل ما يملك من مال وطعام وثياب حتى جلس فى بيته عرياناً ثم قال ( اللهم أبرأ إليك من كل كبد جائع من أمة محمد فى أي مكان ) .



ذلك هو ابن الدعوة بالنسب وحق لمثله أن يفتخر بهذا النسب العظيم الذى حرم منه الملايين وإن ادعوه ونسبوا أنفسهم إليه .




أما ابن الدعوة بالتبني فيعجبك رسمه ومنطقه ورونقه ، لكن ما إن تصحبه أياماً إلا ويبين لك انطفاء نور وجهه أو خفوته جراء تركه لأوراده وأذكاره ، يثبت لنفسه الأخلاق باللسان والواقع ينفيها بألف دليل وبرهان ، الدعوة حاضرة فى كلامه غائبة فى أفعاله ، ألف نفسه القعود وتعوٌد قلبه الركود ، فم يحرك فيه ساكناً ضياع الشباب ، ولا سفك الدماء ، ولا تنكس رايات الحق وعلو رايات الباطل فى كثير من الميادين .




إن قيل له أدرك مالك هرع وأسرع ، وإن قيل له أدرك دينك ودعوتك كأن لم يسمع ، ليه رقاد ، ونهاره غفلة ، وكأن بينه وبين آهات المعذبين وصرخات المكلومين آلاف الحجب ، لا يروعه خلوَ مسجده من لمسات الدعاة ، أو فراغ حيَه من آثار الهداة ، تمتلئ المواخير بالفجار ، وتفرغ المساجد من الأطهار ، ويهجم الباطل على الحق فى بيته وشارعه وعمله ومجتمعه ولا يهتم ، ثم يقول لك أنا ابن الدعوة ، ونسى هذا المسكين أن النسب له قرائن ، وأن التبني حرام فى الإسلام فنسبته إلى الدعوة باطلة حتى وإن أقسم ألف يمين .


فكل يدعى وصلاً بليلــــى ... وليلــــى لا تقر لهم بذاك 



إذا اشتبكت دموع فى جفـون ... تبين من بكى ممن تباكـــى


فأدرك نفسك يا ابن الدعوة ، وحقق القرائن تظلك الدعوة بظلها ، وتحتضنك مع أهلها . . يوم لا ينفع إلا العمل