شاركنا على الفيس بوك

الأحد، 12 سبتمبر 2010

التفكير المؤجل

التفكــير المؤجــل


ظاهرة تجمد العقل والاجتهاد وندرة الأفكار والافتقار إلى الرؤى والتصورات والأفكار والخطط الإستراتيجية ، وغياب القدرة على تجاوز التحديات والتخلف عن ركب الحياة تسترعي الاهتمام وتوجب الانتباه - سؤال طرحته على عقلي واطرحه الآن على كل مخلص في هذه الأمة ــ وأتمنى على الله تعالى أن يسترعى الباحثين والمفكرين والكتاب ليكون محل اهتمامهم وبحثهم بشكل مفصل من خلال دراسة شاملة ومستفيضة حول هذه الظاهرة الخطيرة وأسبابها ونتائجها على الواقع القريب والبعيد .

وقد وجدت لهذا السؤال جزءاً من الإجابة لعله يكون مفتاحاً لجهود لاحقة إن شاء الله .

لا نفكر ... للأسباب التالية :

- كثرة إلف المحاكاة والتقليد .

- ترحيل مهمة التفكير إلى مديرينا ومسئولينا وقادتنا والآخرين من حولنا . وأحياناً ندعو تراثنا وأئمتنا الأموات للتفكير بدلاً منا .

- الوقوع فريسة للفكرة الخاطئة التي توحي بأن التراث الإسلامي كامل ومن ثم فلا حاجة للتفكير والنقل أفضل وأوثق من المخاطرة بالتفكير وإعادة الإنتاج والتجديد .

- كثافة وسرعة تفكير وإنتاج المجتمعات الأخرى المتقدمة والاستسلام للفكرة السلبية أنه لا داعي للتكرار خاصة والعالم المتقدم أسبق وأفضل .

- الإحساس بالضعف والعجز والافتقار إلى أدوات التفكير والبحث، ومن ثم الإحساس القاتل والمدمر بالدونية أمام الآخر .

- الميل والاستسلام لداعي الكسل والراحة والخمول خاصة في ظل غياب مشروع عام جامع وحاشد لمواهب وأفكار وموارد وطاقات الأفراد والمجتمع.

- تعرض البنية العقلية للضعف والاهتراء نتيجة طول فترة عدم الاستخدام والتعطل عن العمل وإهمال تدريب وتأهيل العقل وتعزيز قدرته على التفكير والإنتاج الفكري.

- الفقر الشديد للجامعات أو الأقسام وحتى للأدبيات المتخصصة في مجال العقل ومناهج التفكير .

- الحرب على المبدعين وممارسة كافة أنواع القهر والاستبداد والحصار ضدهم لأجل مصالح مادية وأهواء شخصية .

- انتشار وسيادة الاستبداد العقلي والنفسي من الكبير على الصغير ومن المسئول على الفرد العادي ومن المدير على الموظف ومن الزوج على الزوجة مما قاد إلى حالة كبيرة من الحصار على العقل ودعوته إلى الاستسلام للأمر الواقع .

- الخطأ والانحراف الكبير في فهم و منهجية التعامل مع نصوص الدين بتقديم العقل على إعمال العقل بل وربما امتد الأمر إلى إلغاء العقل وتوصيف ذلك على انه من دواعي سلامة وقوة الإيمان .

- غياب الحافز على التفكير والإبداع والابتكار .

- عدم توافر البيئة الحاضنة نفسياً ومادياً وعلمياً وأدواتياً على التفكير .

- انتشار ظاهرة الإعراض عن التفكير حتى تحولت إلى ثقافة عامة لا تهتم بالتفكير أو الإبداع؛ بل امتد الأمر إلى التنافس المحموم في المحاكاة والتقليد واستيراد الأفكار كما المنتجات من الآخر .

الأسباب الإستراتيجية في تعطيل العقل العربي وجموده عن التفكير والإبداع

يرتبط الإبداع والتطوير والتنمية والنهضة مباشرة بفاعلية إعمال العقل ومدى تنشيطه وتفعيله واستغلاله بصورة جيدة ومن ثم قدرته على إنتاج وتوليد الجديد والمبدع من الأفكار والابتكارات في شتى مجالات الحياة. ولاشك أن تعطيل العقل العربي أو تجميده أو عدم تفعيله بشكل كاف خلال مراحل تاريخية سابقة قد ساهم بشكل كبير في حالة التخلف والتردي التي نعيشها اليوم في العديد من مجالات حياتنا مما يتطلب منا مزيداً من إلقاء الضوء على هذا الموضوع العام لكشف وإجلاء الحقيقة ووضع الأمور في نصابها الصحيح وإعادة الاهتمام بقضية إزالة كافة أسباب تعطيل أو تقييد حرية العقل عن التفكير والإبداع بل وتوفير كافة أسباب وأدوات دعوة وتنشيط العقل العربي نحو التفكير والإبداع .

الأسباب التاريخية لتجميد حركة العقا عن التفكير والإبداع :

1- أسباب سياسية عامة بسبب فرض وتعميم وتوريث ثقافة الكبت والقهر السياسي والتي تترسب في الوجدان الإنساني لتتوارثها الأجيال جيلاً بعد جيل فتؤثر السلامة في عدم التفكير والانصياع والانقياد للآخر .

2- سوء فهم الدين وجمود التعامل مع النصوص والاكتفاء بنقل موروث إعمال عقل وتفكير واجتهاد السابقين في العصور الماضية، وتأكد ذلك رسمياً بإعلان العلماء إغلاق باب الاجتهاد مع نهاية العصر العباسي تقريباً تحت حجة وستار الحفاظ على الدين من الدخلاء غير الأكفاء .

وللأسف الشديد ساهم ذلك في تشويه صورة الدين في نفوس العامة وفتنتهم خاصة أمام إبهار التقدم الغربي، حيث لم يجدوا أمامهم تصوراً للدين إلا بربطه بالعصور السابقة. فتم تجميد النص ولم يجد من العلماء من يقوم بمهمة تطوير النظر في النص والتعامل معه وفق معطيات وآليات العصر الحديث .

3- تخلف طرق التعليم وبناء البشر في العالم العربي والتي تعمدت إبطال العقل العربي وتجميده عن العمل والتفكير والإبداع والابتكار، وذلك بفعل يد المستعمر الغربي والعربي الجاهل .

4 - انتشار وسيادة ثقافة التبعية والتقليد والمحاكاة ومن بعدها الانحدار الأشد إلى ثقافة الاستهلاك في كل شيء بداية من الطعام والشراب والملبس والمأكل إلى الثقافة والفكر وربما المعتقد عند البعض .



الدكتور ابراهيم الديب