شاركنا على الفيس بوك

الأربعاء، 15 سبتمبر 2010

لم لا تقود مديرك ؟

لم لا تقود مديرك ؟


دكتور / ستيفن كوفي



في دنيا العمل المعاصرة هنالك ملايين وملايين من الموظفين القابعين في " مزارع " المربّعات الزجاجية المتطابقة . تملؤهم بالغيظ والمرارة والإحباط تدرّجات وفواصل السلطة الشاسعة في مؤسساتهم .

وتملؤهم بمشاعر العجز الساحق أساليب إدارتهم إدارةً دقائقية تتدخّل في كل نفَس وكلّ حركة يأتون بها - أو تركهم دون إدارة على الإطلاق - . إنّهم ينتظرون قيادةً تأتيهم بالخلاص .. فلمَ لا يكونون هم هذه القيادة ؟

لا يمكنك التحكّم بالرياح . .
وأشرعة مركبك ! من يمسك بها ؟
القيادة ليست تابعةً للسلطة الرسمية ، إنّها تابعةٌ لتأثير كل شخص . لا أقصد بهذا الكلام أنّه ينبغي عليك أو أنّه بإمكانك قطعاً أنّ تصبح رئيساً رسميّاً لرئيسك ، ولكنه يعني أنّ بإمكانك أن تقود رئيسك . كيف ذلك ؟ ! بسيطة ! تفهّمه وتعاطف معه .


فكّر وأنت تضع نفسك مكانه . فكّر في التحدّيات ، والمشكلات ، والهموم التي يواجهها ، وخطط المستقبل التي يتحمّل مسؤوليتها . من خلال التعاطف والتفهّم والإدراك الاستباقيّ ستجد نفسك قادراً على التصرّف مستقلّاً عن مديرك لتعالج المشكلات وتستكشف الفرص والتهديدات الكامنة .

إنّ تصرّفك المستقل عن مديرك واضعاً في ذهنك احتياجات هذا المدير ( أو احتياجات الشركة ) يعني عملياً أنّك تقود .

بالتفهّم والتعاطف ستغدو مقدرتك على استباق الاحتياجات لا حدّ لها ، وبالتالي ستصبح قوّتك وتأثيرك في مكان العمل لا حدّ لها .

القيادة لا تنتظر إذناً من أحد . . إنّها إرادة وسلوك وليست منصباً


أجل ، أنت محقّ إن امتلأت غيظاً وحيرةً وأنت ترى نفسك عالقاً في تدرّجات السلطة الرسمية ، ولكن إن كنت مركّزاً على التعاطف والتفهّم لاحتياجات مديرك وشركتك –بغضّ النظر عن موقعك- فسيبقى بإمكانك تحقيق الأداء القياديّ والتأثير اللذين تطمح إليهما .

مرّت عليّ أيامٌ كنت أعمل فيها مساعداً إدارياً لرئيس شديد التحكّم والتدخّل . وأذكرُ أنّ أحد العاملين تحت مسؤولية ذلك الرئيس كان مثالاً ممتازاً لتفهّم الاحتياجات واستباق التعليمات والتوجيهات . في كل مرةٍ تُطلب منه معلوماتٌ أو توكل إليه مهمّةٌ كان يسأل نفسه : ما الذي يرمي الرئيس فعلاً إلى تحقيقه في النهاية ؟ ولماذا يريد هذه المعلومات ؟ . .

كان متفهّماً جداً إلى حدّ أنّه لم يكن يكتفي بتقديم المطلوب بل يقدّم توصياتٍ إضافية وتحليلاً للمعلومات . ولأنّ عمله كان مستنداً إلى رؤيةٍ عميقة واهتمامٍ كبير فقد كان الرئيس يسارع إلى تبنّي ما يقدّمه وما يراه . وأدّت ثقة الرئيس بذلك الزميل إلى تصاعد تأثيره إلى درجة أنّ توصياته للمشاريع أصبحت إلزامية .

وفي مكان العمل ذاته وتحت مسؤولية الرئيس نفسه كان كثير من الموظفين يرون المدير مستبداً مبالغاً في التدخّل . وما كان تفاعلهم ليتجاوز تناول نقائص ذلك المدير واجترار أخطائه – المفترضة - بحقهم وبحق الشركة . قارن بين الموقفين عزيزي القارئ وانظر كم كان موقف هؤلاء مدمّراً لأنفسهم قبل مكان عملهم .

إيّاك أن تنسى : كلّما رأيت نفسك تفكّر بأن المشكلة إنّما هي مشكلة فلان أو فلان وليست مشكلتك أنت فاعلم أنّ هذا التفكير بحدّ ذاته هو أكبر مشكلة .

ركّز على ما يمكنك أنت القيام به وستصبح في أيّ موقف قائداً لرئيسك وربّاناً لسفينة حياتك وعملك .