شاركنا على الفيس بوك

الخميس، 29 يوليو 2010

كيف نستمتع بالوضوء

كيف نستمتع بالوضوء

سألني صاحبي وهو يحاورني : كيــف تتوضأ ؟

قلت ببرود : كما يتوضأ الناس ..!!

فأخذته موجة من الضحك حتى اغرورقت عيناه بالدموع ثم قال مبتسماً : وكيف يتوضأ الناس ..؟ !

ابتسمت ابتسامة باهتة وقلت : كما تتوضأ أنت …!


قال في نبرة جادة : أما هذه فلا .. لأني أحسب أن وضوئي على شاكلة أخرى غير شاكلة ( أكثر ) الناس ..

قلت على الفور : فصلاتك باطلة يا حبيبي .. !!

فعاد إلى ضحكه ، ولم أشاركه هذه المرة حتى الابتسام ..

ثم سكت وقال : يبد أنك ذهبت بعيداً بعيدا .. إنا أعني ، أنني أتوضأ وأنا في حالة روحية شفافة ـ علمني إياها شيخي ـ فأجد للوضوء متعة ، ومع المتعة حلاوة ، وفي الحلاوة جمال ، وخلال الجمال سمو ورفعة ومعانٍ كثيرة لا أستطيع التعبير عنها .. !!

وارتسمت علامات استفهام كثيرة على وجهي ,,

فلم يمهلني حتى أسأل وواصل : أسوق بين يديك حديثاً شريفاً فتأمل كلمات النبوة الراقية السامية جيداً :

يقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ' إذا توضأ المسلم فغسل وجهه : خرج من وجهه كل خطيئة نظر إليها بعينيه مع آخر قطر الماء.. فإذا غسل يديه : خرج من يديه كل خطيئة بطشتها يداه .. فإذا غسل رجليه : خرجت كل خطيئة مشتها رجلاه .. حتى يخرج نقياً من الذنوب ..


وفي حديث آخر : ' فإن هو قام وصلى وحمد الله وأثنى عليه ، وفرّغ قلبه لله تعالى : انصرف من خطيئته كيوم ولدته أمه .

سكت صاحبي لحظات وأخذ يسحب نفسا من الهواء العليل منتشيا بما كان يذكره من كلمات النبوة .. ثم حدق في وجهي وقال : لو أنك تأملت هذا الحديث جيداً ، فإنك ستجد للوضوء حلاوة ومتعة وأنت تستشعر أن هذا الماء الذي تغسل به أعضاءك ، ليس سوى نور تغسل به قلبك في الحقيقة !!

قلت : ياااااه !! كيف فاتني هذا المعنى ..!؟ والله أنني أتوضأ منذ سنوات طويلة غير أني لم أستشعر هذا المعنى ..

إنما هي أعضاء أغسلها بالماء ثم أنصرف ، ولم أخرج من لحظات الوضوء بشيء من هذه المعاني الراقية …!

قال صاحبي وقد تهلل وجهه بالنور : وعلى هذا حين تجمع قلبك وأنت في لحظات الوضوء ، تجد أنك تشحن هذا القلب بمعانٍ سماوية كثيرة ، تصقل بها قلبك صقلا عجيباً ، وكل ذلك ليس سوى تهيئة الصلاة ..!!

المهم أن عليك أن تجمع قلبك أثناء عملية الوضوء وأنت تغسل أعضاءك ..

قلت : هذا إذن مدعاة لي للوضوء مع كل صلاة .. أجدد الوضوء حتى لو كنت على وضوء .. نور على نور .. ومعانٍ تتولد من معانٍٍ ..!!

قال وهو يبتسم : بل هذا مدعاة لك أن تتوضأ كلما خرجت من بيتك لتواجه الحياة وأحداثها بقلب مملوء بهذه المعاني السماوية ..

قلت وأنا أشعر أن قلبي أصبح يرف ويشف ويسمو :

أتعرف يا صاحبي .. أنك بهذه الكلمات قد رسمت لي طريقا جديداً في الحياة ، ما كان يخطر لي على بال ، وفتحت أمام عيني آفاقاً رائعة كانت محجوبة أمام بصري .. فجزاك الله عني خير الجزاء .

فهل آن لنا أيها الإخوة أن نستمتع بالوضوء ، وأن نشعر بالفعل أنه النور الذي يطهرنا من ذنوبنا ، وأنه المعين على الصلاة بخشوع وطهارة قلب ، بل وأنه يكون الدافع لنا لمواجهة الحياة الصعبة .






فطالما كان الإنسان طاهر البدن والقلب كان أقوى على مواجهة الصعاب .




المصدر : الملتقى