شاركنا على الفيس بوك

السبت، 31 يوليو 2010

أنصت للناس بمهارة ... ينصتوا لك بحب ( النبي نموذجاً )

أنصت للناس بمهارة ... ينصتوا لك بحب

( النبي صلى الله عليه وسلم نموذجاً )

قصة في بدايات الإسلام لعل أكثرنا يعرفها جيداً ، ولكن إذا نظرنا إليها بعين علماء التنمية البشرية لاستطعنا أن نستفيد منها دورة كاملة هي دورة فن الإنصات .

قرأت هذه القصة وسمعتها أكثر من مرة بل وذكر هذا الدرس لي قبل ذلك ، لكن لست أدري ما الذي جعل جسدي يقشعر وأنا أقرؤها هذه المرة .

لذا أحببت أن أنقلها لكم لعلنا نستفيد منها ونعلم بحق أن نبينا صلى الله عليه وسلم كان أستاذاً لهذه البشرية في كل شيء .

القصة اتي أنقلها لكم هي موقف النبي صلى الله عليه وسلم مع عتبة بن ربيعة أحد سادة قريش وكان هذا التوقيت في بداية الدعوة الجهرية للنبي صلى الله عليه وسلم وعقب إسلام سيدنا حمزة بن عبدالمطلب رضي الله عنه وإليكم القصة .


عن محمد بن كعب القرظي , قال : حدثت أن عتبة بن ربيعة , وكان سيداً , قال يوماً وهو جالس في نادي قريش , ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس في المسجد وحده : يا معشر قريش ألا أقوم إلى محمد فأكلمه وأعرض عليه أموراً لعله أن يقبل بعضها فنعطيه أيها شاء ويكف عنا ? - وذلك حين اسلم حمزة - رضي الله عنه - ورأوا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يزيدون ويكثرون - فقالوا : بلى يا أبا الوليد فقم إليه فكلمه .

فقام إليه عتبة حتى جلس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يابن أخي . إنك منا حيث علمت من البسطة في العشيرة والمكان في النسب وأنك قد أتيت قومك بأمر عظيم فرقت به جماعتهم , وسفهت أحلامهم , وعبت به آلهتهم ودينهم , وكفرت به من مضى من آبائهم . فاسمع مني أعرض عليك أموراً تنظر فيها , لعلك تقبل منها بعضها .

قال : فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : " قل يا أبا الوليد أسمع " .


قال : يابن أخي إن كنت إنما تريد بما جئت به من هذا الأمر مالاً جمعنا لك من أموالنا حتى تكون أكثرنا مالاً ; وإن كنت تريد به شرفاً سودناك علينا حتى لا نقطع أمراً دونك ; وإن كنت تريد به ملكاً ملكناك علينا ; وإن كان هذا الذي يأتيك رئياً تراه لا تستطيع رده عن نفسك طلبنا لك الأطباء , وبذلنا فيها أموالنا حتى نبرئك منه , فإنه ربما غلب التابع على الرجل حتى يداوى منه . . أو كما قال . .

حتى إذا فرغ عتبة ورسول الله صلى الله عليه وسلم يستمع منه قال : " أفرغت يا أبا الوليد ؟ "

قال : نعم . قال : " فاستمع مني " .

قال : أفعل .

قال: بسم الله الرحمن الرحيم . حم . تنزيل من الرحمن الرحيم . كتاب فصلت آياته قرآناً عربياً لقوم يعلمون , بشيراً ونذيراً فأعرض أكثرهم فهم لا يسمعون ثم مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها وهو يقرؤها عليه . فلما سمع عتبة أنصت لها , وألقى يديه خلف ظهره , معتمداً عليهما , يستمع منه حتى انتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى السجدة منها فسجد , ثم قال : " قد سمعت يا أبا الوليد ما سمعت فأنت وذاك " .

فقام عتبة إلى أصحابه , فقال بعضهم لبعض : نحلف بالله لقد جاءكم أبو الوليد بغير الوجه الذي ذهب به . فلما جلس إليهم قالوا : ما وراءك يا أبا الوليد ؟

قال : ورائي أني سمعت قولاً والله ما سمعت مثله قط . والله ما هو بالسحر , ولا بالشعر , ولا بالكهانة . يا معشر قريش أطيعوني واجعلوها لي . . خلوا بين الرجل وبين ما هو فيه , فاعتزلوه , فوالله ليكونن لقوله الذي سمعت نبأ , فإن تصبه العرب فقد كفيتموه بغيركم , وإن يظهر على العرب فملكه ملككم , وعزه عزكم , وكنتم أسعد الناس به .

قالوا : سحرك والله يا أبا الوليد بلسانه ! قال : هذا رأيي فاصنعوا ما بدا لكم .


في هذه القصة أظهر النبي صلى الله عليه وسلم مهارة الإنصات في أروع نماذجها ، وتعالوا إخواني نستعرض ما حدث في القصة سريعاً نستخلص منه عناصر هذه المهارة .

أولاً : لننظر ماذا كان رد فعل النبي صلى الله عليه وسلم عندما قال له عتبه اسمع مني أمورا أعرضها عليك تنظر فيها , لعلك تقبل منها بعضها .

قال له النبي قل يا أبا الوليد أسمع

وفي هذه اللقطة شيئين عظيمين فعلهما النبي صلى الله عليه وسلم أولها أنه كني عتبه فقال له يا أبا الوليد وفي هذا تقدير للمخاطب ورفع من شأنه ، والشيء الثاني قوله له أسمع أي أني أصغي لك ومنتبه لكلامك .

ولعل هذا ما جعل عتبة يجلس ويحكي للنبي ما جاء من أجله دون أن يكون هناك حاجز بينهما يمنع عتبة من ذكر كل ما في نفسه للنبي .

ثانياُ : أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يحكم على عتبة قبل أن يتكلم ويقول له أنا أعلم ما الذي ستقول وقد أخبرتكم بردي عليه من قبل ، لا لم يفعل ذلك النبي صلي الله عليه وسلم بل أنصت واستمع منه حتى النهاية .

ثالثاً : لم نلحظ أن النبي صلى الله عليه وسلم طوال كلام عتبة أن قاطعه ولو بشطر كلمة بل تركه يتحدث حتى انتهى من حديثه كله ، ثم قال له أفرغت يا أبا الوليد ؟ ، وهذا من أدب الحديث الا أبدأ الحديث وما زال الشخص الذي يكلمنى يريد أن يستكمل حديثه .

رابعأ : لنتخيل أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يفعل أيأً من هذه الأمور ماذا كان رد فعل عتبة ، هل كان سينتظر يستمع لحديث النبي صلى الله عليه وسلم بهذه الروح والحماسة التي اسمتع بها إليه صلى الله عليه وسلم ، لاأظن ذلك ، كان لابد لعتبة أن يقابل حسن إنصات النبي له بإنصات مثله أو أشد وبتركيز أشد في كلامه صلى الله عليه وسلم .

خامسأ : لننظر إلى أثر فعل النبي صلى الله عليه وسلم في عتبة عندما عاد لأصحابه ، لم يستطع أن يكذب على النبي صلى الله عليه وسلم ، بل ظل يمدح فيه وفي حديثه حتى إن وجهه قد تغير عندما عاد من عند النبي صلى الله عليه وسلم ، هل سيكون رد فعله عندما يعود لو كان النبي لم ينصت لحديثه ولم يقدره هذا التقدير ، لا أظن ذلك أيضاً بل كان سيسب النبي بل وسيقول فيه مالم يفعله عليه الصلاة والسلام .

انظروا إخواني من موقف واحد في حياة نبينا صلى الله عليه وسلم ربما لم يتجاوز دقائق معدودة استطعنا أن نستلهم منه دروساً قد تغنينا عن دورة كامله تستغرق الساعات الطوال .

لذا أحبابي عندما نردد دائماً ان الرسول قدوتنا يجب أن نضع هذه العبارة محل تطبيق وأن نقتبس من النبي صلى الله عليه وسلم القدوة لنا حتى ننير الدنيا بالإسلام إن شاء الله .