شاركنا على الفيس بوك

الثلاثاء، 22 يونيو 2010

طهر قلبك

طهر قلبك


يقول ابن الجوزي عليه رحمةُ الله :

يا هذا ، طهر قلبك من الشوائب ؛ فالمحبة لا تلقى إلا في قلب طاهر ، أما رأيت الزارع يتخيرُ الأرض الطيبة ، ويسقيها ويرويها ، ثم يثيرها ويقلبها ، وكلما رأى حجراً ألقاه ، وكلما شاهد ما يُؤذي نحّاه ، ثم يلقي فيها البذر ، ويتعاهدها من طوارق الأذى ؟

وكذلك الحق عز وجل إذا أراد عبداً لوداده حصد من قلبه شوك الشرك ، وطهره من أوساخ الرياء والشك ثم يسقيه ماء التوبة والإنابة ، وينيره بمسحة الخوف والإخلاص ، فيستوي ظاهره وباطنه في التقى ، ثم يلقي فيه بذر الهدى ، فيثمر حَب المحبة ؛ فحينئذ تحصد المعرفة وطناً ظاهراً ، وقوتاً طاهراً . .

فيسكن لُب القلب ، ويثبت به سلطانها في رُستاق البذر ، فيسري من بركاتها إلى العين ما يفُضها عن سوى المحبوب ، وإلى الكف ما يكُفها عن المطلوب ، وإلى اللسان ما يحبسه عن فضول الكلام ، وإلى القدم ما يمنعه من سرعة الإقدام .

فما زالت تلك النفس الطاهرة رائضُها العلم ، ونديمها الحلم ، وسجنها الخوف ، وميدانها الرجاء ، وبُستانها الخلوة ، وكنزها القناعة ، وبضاعتها اليقين ، ومركبها الزهد ، وطعامها الفكر ، وحُلواها الأنس ، وهي مشغولة بتوطئة رحلها لرحيلها ، وعينُ أملها ناظرة إلى سبيلها .

فإن صعد حافظاها فالصحيفة نقية ، وإن جاء البلاء فالنفس صابرة تقية ، وإن أقبل الموت وجدها من الغش خلية ؛ فيا طوبى لها إذا نُوديت يوم القيامة: { يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً * فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي } [الفجر:27-28 ] .