شاركنا على الفيس بوك

الثلاثاء، 28 سبتمبر 2010

اللهم اغفر لي ما مضى ، وبارك لي فيما بقي

اللهم اغفر لي ما مضى ، وبارك لي فيما بقي


اليوم أتم عامي الخامس والعشرون بإذن الله ، وهكذا تمر الأيام وتنقضي السنون والإنسان غير مبالِ بوقته وغير محافظ عليه حتى بفاجأ بأن العمر قد انتهى وحينها يحاول أن يستدرك ما فاته ولكن هيهات ، أسأل الله ألا نكون من هذا الصنف إن شاء الله .

تمر بي مشاعر كثيرة وعديدة و ربما متناقضة ، حزن علي ما مضى من العمر دون طاعة وما كان فيه تفريط في جنب الله وبين سعادة أنه مازال القلب ينبض حتى يستطيع المرء أن يتوب إلى الله ويحسن عمله فيما بقى ، وعزائي فيما مضى قول الله تعالى ( إلا من تاب وآمن وعمل عملاً صالحاُ فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات ) ، وأسأل الله أن يغفر لي ما مضى من عمري وأن يبارك لي فيما بقي إن كان في العمر بقية .

إخواني الكرام :

أشهد الله أني أحبكم في الله ، وأسأله سبحانه وتعالى أن يجمعنا في ظل عرشه إخواناً على سرر متقابلين ، كما أسأله عز وجل أن يجعلنا ممكن طالت أعمارهم وحسنت أعمالهم ولا يجعلنا ممن طالت أعمارهم وساءت أعمالهم والعياذ بالله .

وفي الختام أسألكم الدعاء لي بظهر الغيب ، ونتواصى بأن نتذكر بعضنا البعض عند مغيب الشمس كل يوم في ورد الرابطة ، فهو سر قوتنا وأساس وحدتنا .

جمعنا الله وإياكم على طاعته في الدنيا ، وفي الفردوس الأعلى من الجنة في الآخرة إن شاء الله .

السبت، 25 سبتمبر 2010

وخير جليس في الزمان كتاب

كيف تقرأ كتاباً لا تريد قراءته ؟

الأربعاء، 22 سبتمبر 2010

الإيمان وسكينة النفس

الإيمان وسكينة النفس


( هو الذي أنزل السكينة في قلوب المؤمنين ليزدادوا إيماناً مع إيمانهم ) . (الفتح : 4)

منذ أعوام قرأت في مجلة «المختار» كلمة ناضرة لأحد الأطباء اللامعين في أمريكا، قال فيها:
"وضعت مرة وأنا شاب جدولاً لطيبات الحياة المعترف بها، فكتبت هذا البيان بالرغائب الدنيوية: الصحة، والحب، والموهبة، والقوة، والثراء، والشهرة، ثم تقدمت بها في زهو إلى شيخ حكيم.
فقال صديقي الشيخ: جدول بديع، وهو موضوع على ترتيب لا بأس به، ولكن يبدو لي أنك أغفلت العنصر المهم الذي يعود جدولك بدونه عبثاً لا يطاق، وضرب بالقلم على الجدول كله، وكتب كلمتي : "سكينة النفس" وقال: هذه هي الهبة التي يدخرها الله لأصفيائه، وإنه ليعطي الكثيرين الذكاء والصحة، والمال مبتذل، وليست الشهرة بنادرة، أما سكينة القلب، فإنه يمنحها بقدر.

وقال على سبيل الإيضاح : ليس هذا برأي خاص لي، فما أنا إلا ناقل من المزامير، ومن أوريليوس، ومن لادنس، هؤلاء الحكماء يقولون : خل يا رب نعم الحياة الدنيا تحت أقدام الحمقى، وأعطني قلباً غير مضطرب!

وقد وجدت يومئذ أن من الصعب أن أتقبل هذا، ولكن الآن بعد نصف قرن من التجربة الخاصة، والملاحظة الدقيقة، أصبحت أدرك أن سكينة النفس هي الغاية المثلى للحياة الرشيدة، وأنا أعرف الآن أن جملة المزايا الأخرى ليس من الضروري أن تفيد المرء السكينة، وقد رأيت هذه السكينة تزهو بغير عون من المال. بل بغير مدد من الصحة، وفي طاقة السكينة أن تحول الكوخ إلى قصر رحب، أما الحرمان منها فإنه يحيل قصر الملك قفصاً وسجناً" أ . هـ

هذا كلام رجل يعيش في أمريكا بلد الرفاهية والغنى، بلد الذهب والعلم، بلد الحرية والانطلاق. قاله الرجل بعد ممارسة وتجربة وخبرة بالحياة، فلم يجد في الحياة نعمه أغلى ولا أفضل ولا أيمن من سكينة النفس، وطمأنينة القلب. وهو كلام حكيم نسجله وننتفع به. والحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق بها.

سكينة النفس - بلا ريب - هي الينبوع الأول للسعادة، ولكن كيف السبيل إليها إذا كانت شيئا لا يثمره الذكاء ولا العلم ولا الصحة والقوة، ولا المال والغنى، ولا الشهرة والجاه ، ولا غير ذلك من نعم الحياة المادية ؟

إننا نجيب مطمئنين : أن للسكينة مصدراً واحداً لا شريك له ، هو الإيمان بالله واليوم الآخر ، الإيمان الصادق العميق ، الذي لا يكدره شك ، ولا يفسده نفاق .
هذا ما يشهد به الواقع الماثل، وما أيده التاريخ الحافل، وما يلمسه كل إنسان بصير منصف، في نفسه وفيمن حوله .

لقد علمتنا الحياة أن أكثر الناس قلقاً وضيقاً واضطراباً، وشعوراً بالتفاهة والضياع هم المحرومون من نعمة الإيمان، وبرد اليقين .

إن حياتهم لا طعم لها ولا مذاق، وإن حفلت باللذائذ والمرفهات، لأنهم لا يدركون لها معنى، ولا يعرفون لها هدفاً، ولا يفقهون لها سراً، فكيف يظفرون مع هذا بسكينة نفس، أو انشراح صدر؟
إن هذه السكينة ثمرة من ثمار دوحة الإيمان، وشجرة التوحيد الطيبة، التي تؤتى أكلها كل حين بإذن ربها.

فهي نفحة من السماء ينزلها الله على قلوب المؤمنين من أهل الأرض، ليثبتوا إذا اضطرب الناس، ويرضوا إذا سخط الناس، ويوقنوا إذا شك الناس، ويصبروا إذا جزع الناس، ويحلموا إذا طاش الناس .

هذه السكينة هي التي عمرت قلب رسول الله يوم الهجرة، فلم يعره هم ولا حزن، ولم يستبد به خوف ولا وجل، ولم يخالج صدره شك ولا قلق (فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفورا ثاني اثنين، إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه: لا تحزن إن الله معنا) (التوبة : 40).

لقد غلبت على صاحبه الصديق مشاعر الحزن والإشفاق، لا على نفسه وحياته، بل على الرسول، وعلى مصير الرسالة، حتى قال والأعداء محدقون بالغار: يا رسول الله، لو نظر أحدهم تحت قدميه لرآنا! فيقول الرسول مثبتاً فؤاده: "يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما"؟!

هذه السكينة روح من الله، ونور، يسكن إليه الخائف، ويطمئن عنده القلق، ويتسلى به الحزين، ويستروح به المتعب، ويقوى به الضعيف، ويهتدي به الحيران.

هذه السكينة نافذة على الجنة يفتحها الله للمؤمنين من عباده : منها تهب عليهم نسماتها، وتشرق عليهم أنوارها، ويفوح شذاها وعطرها، ليذيقهم بعض ما قدموا من خير، ويريهم نموذجاً صغيراً لما ينتظرهم من نعيم، فينعموا من هذه النسمات بالروح والريحان، والسلام والأمان .

من كتاب الإيمان والحياة للدكتور يوسف القرضاوي

الثلاثاء، 21 سبتمبر 2010

التربية بالأحداث

التربية بالأحداث


تفعل الكلمة في النفس وقت الحدث ما لا تفعله في غيرها، ولذلك كان المؤثرون دوماً من قادة الرأي العام والمربين والمثقفين يتميزون بالحضور الدائم والوعي بمستجدات القضايا. وبقدر ما تكون المشاركة النفسية والفكرية والبدنية بقدر ما يكون التصاق الناس على اختلاف مستوياتهم الفكرية والاجتماعية بالعالم أو المربي أو الخطيب أو المعلم أو الموجه أو غيرهم. وما أكثر الفرص والمناسبات التي تمر وتحتاج إلى من يستغلها بذكاء وبتجدد في أسلوب العرض حتى تصل الفكرة إلى القلوب والعقول .

روى البخاري في صحيحه عن سعد بن عبادة رضي الله عنه قال : لو رأيت رجلاً مع امرأتي لضربته بالسيف غير مصفح ، فبلغ ذلك الرسول صلى الله عليه وسلم فقال: أتعجبون من غيرة سعد؟ والله لأنا أغير منه والله أغير مني ، ومن أجل غيرة الله حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن ، ولا أحد أحب إليه من العذر من الله ، ومن أجل ذلك بعث المبشرين والمنذرين ، ولا أحد أحب إليه من المدحة من الله ومن أجل ذلك وعد الله الجنة. إنها المدرسة النبوية في التربية والتوجيه ، وانظر إلى المعاني التي أوردها عليه الصلاة والسلام من أجل كلمة واحدة قالها سعد رضي الله عنه، وتخيل مقدار الأثر الإيماني الذي تركته هذه الكلمات البليغة في نفوس الصحابة .. أليس هو الهم الدعوي الكبير الذي يحمله والمسؤولية العظيمة التي يستشعرها؟ أو ليست التربية بالأحداث يعلمنا إياها عليه الصلاة والسلام ؟ ولذا فلا نعجب من تلك النماذج المتميزة التي باعت نفسها لله وجاهدت في سبيل الدفاع عن دين الله .

لو أن الوالد ضرب لأولاده المثل الحي بأمره بالمعروف ونهيه عن المنكر لنشأ الأولاد وفي قلوبهم حب للمعروف وولاء لأهله وبغض للمنكر وبرآءة من أهله. ولو أن المعلمة وقفت عند أخبار الشيشان وكيف أن العالم رماهم عن قوس واحدة لأنهم مسلمون، بينما هب لنجدة أهل تيمور لأنهم نصارى وأقام لهم دولة مستقلة ، وحثت طالباتهاعلى التبرع للمسلمين وبدأت بنفسها، وطالبتهن بالدعاء في الصلوات لأدركت طالباتنا تميزهم بالإسلام ووجوب نصرة إخوانهم وأخواتهم التي تجمع رابطة العقيدة بينهم، ولأثمر هذا التذكير بهذا الحدث آثاراً إيمانية قد لا ندركها. ولأخرجت مثل هذه التربية بالأحداث فتيات عالمات عاملات عرفن أهدافهن في هذه الحياة .

ولو أن المعلم والمربي وقف مثلاً أمام طلابه يشرح لهم قصة عيد القسيس فالنتاين المسمى عيد الحب وشرح لهم بإيجاز الارتباط النصراني وأن هذا الاحتفال ما هو إلا تمجيد لذلك القسيس الذي سعى إلى نشر النصرانية أثناء حكم الامبراطور الروماني كلاوديس الثاني حيث أعدمه يوم 14 فبراير 270م، ثم أضاف إلى ذلك قضية الحب وماذا تعني بالنسبة للشاب وما هي حدوده الشرعية وضوابطه، ثم أورد بعض الأمثلة للحب الذي يسعد صاحبه كحب للدين ونصرته، وللمعروف وأهله، ورد على مقولة أن الزواج الناجح ثمرة لقصة حب قبل الزواج بالأخبار اليومية عن انهيار زواج الممثلين والمغنيين وغيرهم وما خبر الممثلة نهلة سلامة عنا ببعيد التي لم يدم زواجها أكثر من 15 يوماً، وهكذا بطريقة مقنعة هادئة.

وشئ مهم ذو علاقة بقضية التربية بالحدث أن ندرك أن معظم الناس يمتلكون عاطفة طيبة وحباً للدين ولكنهما غابا بفعل المعصية والغفلة وقلة الداعي إلى الله على بصيرة وطول الإلف للواقع، ولكن تأتي أوقات أزمات من مرض أو قلق أو حيرة تنفتح للخير فيها القلوب وتقبل الموعظة أثناءها النفوس و تحتاج فيها إلى الداعية صاحب القلب الكبير الذي يتمنى الخير للناس، ويتلطف في الدخول عليهم..وهذه من الفرص التي ينبغي على من يريد الخير للدعوة ولنفسه اغتنامها فيكسب من الحسنات ما يكون له نوراً يوم الحساب، ولا يسوغ أبداً الكسل والتسويف.

إن الفرص كثيرة سواء أتيحت في الحي أو المدرسة أو السوق وإنها خسارة كبيرة أن تمر دون أن يكون هناك عمل منتج كبير يضيف إلى البناء الأخلاقي للأمة. فهل نعزم على اغتنام كل فرصة قادمة في غرس فسائل الخير في القلوب واقتلاع بذور الشر منها.

المصدر : الملتقى

الاثنين، 20 سبتمبر 2010

المفاوضات العبثية



الأحد، 19 سبتمبر 2010

ماذا يعني العودة للمفاوضات المباشرة ؟

ماذا يعني العودة للمفاوضات المباشرة ؟

منير شفيق : باحث في الشؤون الإستراتيجية



الإصرار الأميركي، بعد التوافق التام مع نتنياهو، على استئناف المفاوضات المباشرة، وخضوع الرئيس محمود عباس، بعد التفاهم مع الحكومة المصرية، لدخول المفاوضات المباشرة، بعد إسقاط كل الشروط التي سبق ووضعها، وتعاون الرباعية لتسهيل عملية إطلاق المفاوضات المباشرة ثم إجراؤها بمشاركة الرئيس الأميركي أوباما شخصياً لإطلاقها، كل هذه العناصر بحاجة إلى تفسير للكشف عن الهدف الأميركي من جهة، ومغزى نتنياهو من جهة أخرى من ورائها. ومن ثم الإجابة عن السؤال : هل ثمة إمكان لخروجها باتفاق ما أم ستنتهي إلى فشل كما يذهب الذين يصفونها بالعبثية أو يعارضونها لأنها عبثية ؟

بالنسبة إلى الإدارة الأميركية ما زال الهدف من إطلاقها أولاً، ومن أجل الوصول إلى اتفاق ما ثانياً، يقوم على قناعة الجيش الأميركي، كما عبّر عن ذلك كل من رئيس الأركان مولن، والجنرال بترايوس (قائد المنطقة الوسطى والآن يقود حرب أفغانستان)، بأن الوصول إلى اتفاق ما في الموضوع الفلسطيني من شأنه أن يخدم الحروب التي تخوضها أميركا في العراق وأفغانستان، كما يخدمها في مواجهتها مع إيران (ما يصفونه بنـزع الورقة الفلسطينية من يدها، ويد حزب الله). الأمر الذي يساعد على تحقيق اندفاع رسمي عربي وإسلامي أكبر في دعم السياسات الأميركية من دون المعكّر الفلسطيني الدائم.

كان هذا هو المحرّك الرئيس لتعيين جورج ميتشل مبعوثاً خاصاً لأوباما من أجل تحقيق اتفاق ما في الموضوع الفلسطيني، وهو الذي يفسّر ما بذلته إدارة أوباما من إصرار على إطلاق المفاوضات الثنائية من أجل تحقيق هذا الغرض. وذلك بالرغم من الانتكاسات التي واجهها ميتشل في هذا السبيل.

ولكن نشأ دافع آخر وراء الإصرار الأميركي الأخير لإطلاق المفاوضات المباشرة وهو استرضاء اللوبي اليهودي الأميركي لتخفيف ما نشأ من صراع بينه وبين أوباما عندما حاول ميتشل أن يطلق المفاوضات على أساس وقف النموّ الاستيطاني، مما واجه معارضة شديدة من نتنياهو، أو عندما عدّل الموقف. ولكن ضمن إطار المفاوضات غير المباشرة فيما أراد نتنياهو أن تكون مباشرة.

ويعزو الكثيرون إصرار أوباما على تلبية مطلب نتنياهو في أن تكون المفاوضات مباشرة وبلا شروط مسبقة، له علاقة بالانتخابات النصفية القادمة للكونغرس. وذلك بعد أن تدهورت شعبيته. وأصبح بحاجة ماسّة هو وحزبه الديمقراطي إلى الدعم من قِبَل اللوبي اليهودي الأميركي.

وبهذا أصبح الهدف مزدوجاً في تفسير ما بذلته إدارة أوباما من "ضغوط" على محمود عباس وبعض الحكومات العربية، وفي مقدّمها الحكومة المصرية، من أجل إطلاق المفاوضات المباشرة.

وبالنسبة إلى نتنياهو فقد راح يعاني من أزمة عميقة ولا سيما بعد النتائج التي تشكلت على مستوى عالمي إثر العدوان على أسطول الحريّة. فقد تدهورت سمعة الكيان الصهيوني عالمياً، وأصبح تحت الضغط الشديد لتشكيل لجان تحقيق بالجريمة التي ارتكبت بحق أسطول الحريّة. وقد جاء ذلك تتويجاً لأزمتين: الأزمة الأولى الناجمة عن فشل الجيش الإسرائيلي في حربيْ 2006 و2008/2009 ضد المقاومتيْن اللبنانية والفلسطينية والأزمة الثانية: أزمة تدهور سمعته العالمية كمرتكب لجرائم حرب.

ولهذا يُراد إطلاق مفاوضات ثنائية مباشرة للتخفيف من عزلته الدولية، وربما أظهرته كرجل يبحث عن السلام. ولكن من دون أن يُكلفه ذلك تقديم أي تنازل ولو شكلي لحفظ بعض ماء الوجه لسلطة رام الله وقرارات لجنة متابعة مبادرة السلام العربية في الجامعة العربية.

وبكلمة، لا تفسير لاندفاع نتنياهو باتجاه إطلاق مفاوضات مباشرة سوى الخروج من أزمة شديدة بعضها ظاهر وبعضها مُتَستَّر عليه (مثلاً أزمة الخوف من نتائج أي حرب تشنّ ضد لبنان أو قطاع غزة أو سورية أو إيران في وقت فقدت فيه أميركا السيطرة على التسلح في هذه الجبهات).

على أن هذا العامل ما كان ليدفع نتنياهو، بهذه القوّة، نحو المفاوضات المباشرة لولا أنه ضَمِنَ خضوع أوباما للوقوف إلى جانبه بشكل حاسم في عملية المفاوضات المباشرة، وما قد ينجم عنها من نتائج. وذلك إلى جانب اطمئنانه من فقدان إرادة المفاوض الفلسطيني (ومن ورائه المصري) أمام الضغط الأميركي، كلما واجهت المفاوضات، تعقيداً، يجب أن يُحّلّ في مصلحته.

ولكن السؤال هل ثمة سياسة أميركية، بالدرجة الأولى، تريد تحقيق ما هو أكثر مما أُشيرَ إليه من مكاسب آنية من وراء إطلاق المفاوضات المباشرة، خصوصاً، محاولة كسب اللوبي الصهيوني الأميركي في الانتخابات النصفية للكونغرس القادمة، كما محاولة إنقاذ الكيان الصهيوني من أزمته السياسية والمعنوية العالمية؟
الجواب: ستحاول إدارة أوباما وبجدّية أن تصل إلى اتفاق ما فلسطيني-إسرائيلي، وليس مجرّد مفاوضات تدور حول نفسها، وتنتهي بالانسداد أو الفشل. وذلك تلبية للهدف الذي عبّر عنه مولن وبترايوس.

ولهذا من الخطأ الركون إلى القناعة القائلة بعبثية المفاوضات أو بحتمية فشلها حتى لو كان الأرجح فشل التوصّل إلى اتفاق يسمح للمفاوض الفلسطيني، ومن ورائه المصري، ولجنة المتابعة، بتغطيته. وذلك لأن أميركا ستكون جادّة في عدم الوصول إلى انسداد بل في تحقيق اتفاق يخدمها، أو تستخدمه، في مواجهتها ضدّ إيران وقوى المقاومة والممانعة في المنطقة.

يضاف إلى هذا الهدف الأميركي رغبة محمود عباس وبعض دول "الاعتدال العربي"، في الخروج من أزمة فشل الرهان على أميركا وإستراتيجية التسوية، مما يسهّل التراجعات والتنازلات المطلوبة للتوصّل إلى اتفاق ما. الأمر الذي يفترض عدم الركون إلى نظرية حتمية فشل المفاوضات القادمة، بل التعامل معها بأعلى درجات الخطورة واليقظة من جانب كل الحريصين على عدم تصفية القضية الفلسطينية.

تبقى حجة، طالما استخدمت من قِبَل الذين يقْطَعون بفشل المفاوضات تستند إلى ما يسّمونه تهكماً بـ"وطنية نتنياهو". لأنه يريد أن يفرض تسوية ضمن شروطه بالكامل، الأمر الذي يجعل من المتعذر التعاطي معه. ولكن هذا التقدير بالنسبة إلى نتنياهو يجب عدم الركون إليه أيضاً. وذلك إذا ما تمّ التأكد من عدم قدرته على الخروج من أزمته الراهنة من خلال الحرب والانتصار فيها. وهذا ضغط خطير عليه وعلى الكيان بأسره مضافاً إليه الضغوط الآتية من الجاليات اليهودية في الخارج، والتي أصبحت مأزومة في تعاطيها مع الرأي العام العالمي الذي أضحى ينظر إلى دولة الكيان الصهيوني كمجرمة حرب وعنصرية من الدرجة الأولى. وأخيراً وليس آخراً ضغوط الجيش الأميركي الذي يشعر بحاجة ماسّة إلى انتزاع الملف الفلسطيني من خصومه.

والخلاصة من كل ذلك، صحيح أن نتنياهو عنيد إلى حدّ الحمق، وصحيح أن ضعف المفاوض قبالته يغريه على التشدّد وطلب المزيد. ولكن نتنياهو في النهاية يظل رجل سياسة وحكم وانتهازي من صنف رفيع أيضاً، وهو إلى جانب ذلك ليس بلا نقاط ضعف شديدة ولا سيما أزمة الكيان الصهيوني في ميزان القوى الراهن وإزاء الرأي العالم العالمي (خصوصاً اليهودي في الخارج).

الأمر الذي يجعل من الخطأ الركون إلى القول أن المفاوضات ستكون فاشلة حتماً، أو القطع باستحالة خروجها باتفاق ما يمكن المتاجرة به لاحقا، وتمرير السياسات الأمريكية الإسرائيلية في المنطقة.

فلسطين نكبة أمة

الإتزان الإنفعالي للمربي

الإتزان الإنفعالي للمربي


الاتزان الانفعالي للمربى هو :ـ أن يكون لديه القدرة على التحكم في انفعالاته فلا تظهر بشده سواءً انفعالات الغضب أو الغيرة أو الفرح أو الحب ويظهر بدلاً عنها الحلم وكظم الغيظ وعدم الاهتمام بصغائر الأمور ونحو ذلك .

وقد يتضح ذلك المعنى بتوضيح ضده فالاتزان الانفعالي عكس الاضطراب الانفعالي وهذا الأخير حالة تكون فيها ردود الفعل الانفعالية غير مناسبة لمثيرها بالزيادة أو بالنقصان ، فالخوف الشديد كاستجابة لمثير مخيف حقا لا يعتبر اضطراباً انفعالياً بل يعتبر استجابة انفعالية عادية و ضرورية للمحافظة على الحياة ، أما الخوف الشديد من مثير غير مخيف فانه يعتبر اضطراباً انفعالياً.

والاتزان الانفعالي سمة يتميز بها من يتصف بقوة الشخصية وبصحة نفسية جيدة، وتظهر وقت التعامل مع الضغوط و الأزمات .

فالمربى الفعال هو الذي يحتفظ بتحكم انفعالي متميز ، فهو لا يدع فرصة للغضب أن يتملكه ، ولا يعطى أحكاما سريعة للمواقف المختلفة ، بل هو أمام هذه المواقف هادئ مترو في الحكم عليها ولا يصدر حكمه إلا بعد أن يتفحص جيدا متغيرات كل مواقف.

والاتزان الانفعالي صفة هامة فى المربى الواعي الناضج فيظل دائما في حالة استقرار نفسي و سلوكي و لا يصدر منه اى فعل أو رد فعل يترتب عليه فشل في العملية التربوية، ولذا عندما سأل أحد الصحابة رضوان الله عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعظه ، فقال عليه الصلاة والسلام : لا تغضب لا تغضب وفى حديث آخر عن الرسول الأمين عليه الصلاة والسلام : " ليس الشديد بالصرعة ( أي بقوة البدن ) وإنما الشديد من تملك نفسه ساعة الغضب. "

ويشكّل الاتزان الانفعالي منعطفا جليا في النفس البشرية ولذا تجد لدى البعض مهارة إتقانه والبعض الآخر لا يستطيع إتقانه ، ومن وُهب اتزانا عقلانيا و عاطفيا لا تستمليه الأهواء ولا تتكئ على أرضية واقعه الخيالات.

وقد أطلق عليها في القرآن و السنة اصطلاح مجاهدة النفس ونهي النفس عن الهوى..
ويشير الدكتور محمد محروس الشناوي إلى مجاهدة النفس أنها عملية مستمرة يعدل بها الفرد من سلوكياته بمنع نفسه من الاستجابة الموجودة في البيئة بأفعال تخالف الدين والعرف. فالنفس البشرية التي اعتادت على أن تقود صاحبها ولا يقودها فسيظل يتبعها وليس لديه أي سيطرة على كبح جماحها ( فالسيارة التي تعطلت فراملها أثناء سرعة قوية لا تستطيع إيقافها عند الضغط على فراملها ولن تستطيع السيطرة عليها لتنجو من خطر الحوادث فالأمر مصيره إلى الهلاك).


الاتزان الانفعالي للمربى في الموقف التربوي حالة تتميز بالسمات التالية :-

– ألا تثير المربى مثيرات تافهة وأن يتخلص من الميول الصبيانية كالأنانية والخوف من المسؤولية.
– أن يعبر المربى عن انفعالاته بصورة متزنة.
- القدرة على ضبط النفس في المواقف التي تثير الانفعالات و عدم التهور.
– الثبات المزاجي وعدم التذبذب لأسباب تافهة بين الحزن والفرح.


ولنا في تاريخنا الإسلامي الكثير من المواقف التي يتضح فيها مدى قدرة المؤمن الداعية على التحلي بتلك السمة و كيف أنها تؤثر في إدارة المواقف الحرجة التي يمر بها الدعاة.

- الاتزان الانفعالي لرسولنا الكريم في غزوة أحد.
- الاتزان الانفعالي لسيدنا إبراهيم حين ألقى في النار.
- الاتزان الانفعالي لسيدنا يونس و هو في بطن الحوت.
- الاتزان الانفعالي لسيدنا موسى عند ملاحقة فرعون و جنوده له.
- الاتزان الانفعالي للصاحبى الجليل أبو بكر الصديق عند وفاة الرسول.
- الاتزان الانفعالي لسيدنا خالد بن الوليد في معركة مؤتة.


كيف تكون مربى يتميز بالاتزان الانفعالي ؟

– حافظ على وضوءك دائما.
- لا تنسى ذكر الله )) الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللًّهِ الا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ )) سورة الرعد فذكر الله يجعل قلبا دائما هادئا مطمئنا سريع بعيد كل البعد عن الاضطرابات الانفعالية.
- نفّس عن انفعالاتك بأعمال مفيدة ( ممارسة الرياضة – قراءات متنوعة).
– حوّل انتباهك لأشياء أخرى .
– ابعث حالة من الاسترخاء في نفسك .
– تعلم أن تنظر إلى العالم نظرة مرحة .
– تجنب البت في أمورك الهامة أثناء الانفعال .
– تجنب المواقف التي تثير انفعالك إذا عجزت عن ضبط انفعالك.


الآثار السلبية للاضطراب الانفعالي على أداء المربى :-

* إن الانفعال المعتدل ينشط التفكير والعمليات العقلية والحركة ويزيد الميل لمواصلة العمل أما الانفعالات الشديدة تشل السيطرة على الإرادة ،وتؤثر على جميع العمليات العقلية تأثيرا سلبيا فتجعل المربى في حالة عدم سيطرة على انفعالاته مما ينتج عنه سلوكيات وأفعال تقلل من كفاءته في أداء الدور المنوط به.
* الاضطراب الانفعالي يشوه إدراك المربى لحقيقة الموقف و يعوق الاتصال بينه و بين الفرد المتربي.
* الاضطراب الانفعالي يعوق التفكير الهادئ وتجعله يدور حول فكرة واحدة هي موضوع الانفعال.
* الاضطراب الانفعالي يؤدى إلى استهلاك الطاقة اللازمة للنشاط حيث تستنفد في قمع الانفعال .
* الاضطراب الانفعالي يوجد فجوة بين المربى و الفرد المربى.

أعراض عدم الاتزان الانفعالي:-

* السلوك الاندفاعي.
* ثورات الغضب والتهيج الانفعالي العام.
* الاستجابات السلوكية غير المتسقة مع المثيرات المنشطة.
* الحساسية المفرطة.
* عدم تقبل النقد.
* اضطراب الانفعالات والمشاعر.
* عدم القدرة علي التسامح.
* التغير الدائم غير المبرر في الحالة المزاجية.
* الاعتماد الزائد علي الآخرين.
* الرغبة في الإشباع الفوري المباشر للاحتياجات.
* التمركز حول الذات.
* الحساسية لأحاسيس الآخرين.


سمات المربى الذي يتمتع بالاتزان الانفعالي : -

* القدرة علي أن يُحِبْ وأن يُحَبْ.
* القدرة علي مواجهة الواقع والتعامل الإيجابي معه.
* الاهتمام بالعطاء بقدر الاهتمام بالأخذ وربما أكثر.
* القدرة علي الارتباط والانفتاح الإيجابي علي خبرات الحياة المختلقة.
* القدرة علي التعلم من الخبرات و التجارب.
* القدرة علي تقبل وتحمل الإحباط.
* القدرة على التعامل الإيجابي مع مشاعر العدوان.
* التحرر النسبي من أعراض التوتر.
* القدرة على حل المشكلات.
* قبول الاختلاف والبعد عن التعصب.
* الدافعية للإنجاز.
* القدرة على العمل الجماعي.

طرق تحسين الاتزان الانفعالي لدى المربى : -

* اسعي بكل أمانة إلي معرفة ردود أفعال الآخرين تجاه تصرفاتك و كن موضوعيًا وانظر إلي نفسك كما يراك الآخرون
* تجنب الأنانية وحب الذات.
* لا تحاول السيطرة علي الآخرين.
* تحمل مسئولية انفعالاتك وسعادتك الشخصية.
* اختبر وتحقق من انفعالاتك بدلاً من التوجه المباشر للحكم علي أفعال ودوافع الآخرين.
* اكتسب مهارات التوافق أو المواجهة أو التعامل الإيجابي مع مختلف الحالات المزاجية.
* تعلم الاسترخاء والهدوء النفسي والبدني عندما تجتاحك الانفعالات السلبية أو الإيجابية الشديدة.
* استمع ضعف ما تتحدث.
* انتبه إلي التواصل غير اللفظي. فنحن نتواصل بكامل تكوينا البدني والنفسي. راقب الوجه،أنصت إلي نبرة الصوت،ولاحظ لغة الجسد.
* كن علي قناعة بان تحسين نضجك الانفعالي يحتاج إلي ممارسة وقت وصبر.



المصدر / الملتقى

الجمعة، 17 سبتمبر 2010

رجل .. ونصف رجل .. ولا شيء

د. علي الحمادي


من الطرق السهلة التي يمكنك بها هندسة التأثير أن تستفيد من شخص مؤثر، وذلك بالالتصاق به والاستفادة من علمه وموقعه ومهاراته وحماسه والفنون التي يجيدها وكذلك من آرائه واقتراحاته، فالصاحب ساحب، " والمرء على دين خليله " .

وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يحذيك وإما أن تبتاع منه وإما أن تجد منه ريحاً طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد منه ريحاً خبيثة " .

عن المرء لا تسأل وسل عن قرينه فكل قرين بالمقارن يقتدي

وقيل : " الناس : رجل ، ونصف رجل ، ولا شيء ، فالرجل من له رأي صائب ويشاور ، ونصف الرجل من له رأي صائب ولا يشاور أو يشاور ولا رأي له ، ولا شيء هو من لا رأي له ولا يشاور " .

ولقد كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم كثير من الأصحاب الذين تربطهم به علاقات قوية ، ولكن نفراً منهم التصق به التصاقاً قوياً حتى كان بعضهم لا يفارقه إلا حين النوم، ولذا كانت أكثر الأحاديث التي وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم رواها هؤلاء الملتصقون به كأبي هريرة وعبدالله بن مسعود وعبدالله بن عمر وغيرهم رضي الله عنهم جميعاً.

فعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال : إنكم تقولون : إن أبا هريرة يكثر الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ! وتقولون: ما للمهاجرين والأنصار لا يحدثون مثله ! وإن إخواني المهاجرين كان يشغلهم الصفق بالأسواق، وكان إخواني من الأنصار يشغلهم عمل أموالهم، وكنت امرءاً مسكيناً من مساكين الصفة، ألزم رسول الله صلى الله عليه وسلم على ملء بطني، فأحضر حين يغيبون، وأعي حين ينسون ، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث يحدثه يوماً: "إنه لن يبسط أحد ثوبه حتى أقضي جميع مقالتي ثم يجمع إليه ثوبه، إلا وعى ما أقوله " ، فبسطت نمرة عليَّ ، حتى إذا قضى مقالته، وجمعتها إلى صدري، فما نسيت من مقالة رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك من شيء " .

وهذا عبدالله بن مسعود رضي الله عنه الذي كان من أكثر الصحابة التصاقاً برسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو من السابقين الأولين، ومن النجباء العالمين، شهد بدراً ، وهاجر الهجرتين ، ومناقبه غزيرة وروى علماً كثيراً . عن مسروق قال : قال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه : والله الذي لا إله غيره ، ما أنزلت سورة من كتاب الله إلا أنا أعلم أين أنزلت ، ولا أنزلت آية من كتاب الله إلا أنا أعلم فيمن نزلت، ولو أعلم أحداً أعلم مني بكتاب الله تبلغه الإبل لركبت إليه .

وهناك كثير من العلماء من جمهور التابعين وتابعيهم كانوا أشد الناس حرصاً على الالتصاق بشيوخهم، ليأخذوا عنهم الحديث والفقه واللغة والأدب وغيرها من العلوم والفنون .

فقد وصل عدد شيوخ الإمام محمد بن إسماعيل البخاري الذين كتب عنهم (1080) شيخاً ، منهم أحمد بن حنبل، ومحمد بن عيسى الطباع، وإسحاق بن منصور . وأما عن تلاميذه الذين التصقوا به فعلى رأسهم الإمام مسلم، والترمذي، وابن خزيمة، والبغوي والنسفي .

وكذا الإمام مسلم فقد وصل عدد شيوخه إلى أكثر من (220) شيخاً ، منهم : الإمام أحمد بن حنبل ، وإسحاق بن راهويه ، ويحيى ابن معين ، والدارمي ، والبخاري ، وابن حميد . وأما عن تلاميذه الذين لازموه وأخذوا عنه فهم كثير، منهم: الفراء، وأبوحاتم الرازي، وابن خزيمة، والترمذي .

ورغم أهمية الاتصال بهؤلاء المؤثرين والالتصاق بهم إلا أنه ينبغي لصانع التأثير ألا يذوب فيهم ، وألا يفقد شخصيته عندهم، وألا يكون كالميت بين يدي المغسِّل ، وألا ينسى هدفه الرئيس الذي من أجله التصق بهم، وإنما عليه أن يستثمر صلته بهم من أجل تفعيل مشروعه التأثيري النافع وتسريعه وإنجازه بيسر .

لما قدم السلطان عبدالعزيز مصر، وزار الجامع الأزهر ، صحبه الخديوي إسماعيل فلحظ الخديوي على شيخ بالجامع كأنه غير مهتم، فهو مسند ظهره، ماد رجله ، فأسرع بالسلطان عنه، ثم كلف أحد رجاله أن يذهب له بصرة، يريد أن يعرف حاله، فلما جاء الرسول ليعطيه قبض الشيخ عنه يده ، وقال له : قل لمن أرسلك: إن من يمد رجله لا يمد يده .

ويقول روبرت غرين: ابق مترفعاً وسيأتي الناس إليك ، إذ سيصبح كسب عواطفك نوعاً من التحدي لهم، وما دمت تقلّد الملكة العذراء وتذكي آمالهم فإنك ستظل مغناطيساً يجتذب الاهتمام والرغبة .

وعند حديثنا عن هذا النوع من الاستثمار فإننا لا نقصد به استغلال هؤلاء المؤثرين لمصالح شخصية محدودة وإنما استثمارهم لمصلحة الأمة، خاصة ونحن عندما نتكلم عن صناعة التأثير وهندسة الحياة فإننا نقصد به التأثير الإيجابي النافع لا التأثير السلبي الضار .

وهنا نقول : إذا أردت أن تكون خطيباً مؤثراً فالتصق بخطيب مؤثر واستفد من أسلوبه وأخلاقه وحماسه، ولكن لا تكن نسخة طبق الأصل منه، لأن الناس لا يحترمون التقليد وإنما يحترمون الأصل ويقدرونه، ولذا يحسن بك تجنب نواقص هذا الخطيب وأخذ أفضل ما عنده، ومن ثمَّ إضافة شيء من عندك لتتميز به عنه، فيكون لك طعمك الخاص ولونك الفاقع ورائحتك المميزة، وقس على ذلك بالنسبة للالتصاق بالأنواع الأخرى من المؤثرين

الأربعاء، 15 سبتمبر 2010

لم لا تقود مديرك ؟

لم لا تقود مديرك ؟


دكتور / ستيفن كوفي



في دنيا العمل المعاصرة هنالك ملايين وملايين من الموظفين القابعين في " مزارع " المربّعات الزجاجية المتطابقة . تملؤهم بالغيظ والمرارة والإحباط تدرّجات وفواصل السلطة الشاسعة في مؤسساتهم .

وتملؤهم بمشاعر العجز الساحق أساليب إدارتهم إدارةً دقائقية تتدخّل في كل نفَس وكلّ حركة يأتون بها - أو تركهم دون إدارة على الإطلاق - . إنّهم ينتظرون قيادةً تأتيهم بالخلاص .. فلمَ لا يكونون هم هذه القيادة ؟

لا يمكنك التحكّم بالرياح . .
وأشرعة مركبك ! من يمسك بها ؟
القيادة ليست تابعةً للسلطة الرسمية ، إنّها تابعةٌ لتأثير كل شخص . لا أقصد بهذا الكلام أنّه ينبغي عليك أو أنّه بإمكانك قطعاً أنّ تصبح رئيساً رسميّاً لرئيسك ، ولكنه يعني أنّ بإمكانك أن تقود رئيسك . كيف ذلك ؟ ! بسيطة ! تفهّمه وتعاطف معه .


فكّر وأنت تضع نفسك مكانه . فكّر في التحدّيات ، والمشكلات ، والهموم التي يواجهها ، وخطط المستقبل التي يتحمّل مسؤوليتها . من خلال التعاطف والتفهّم والإدراك الاستباقيّ ستجد نفسك قادراً على التصرّف مستقلّاً عن مديرك لتعالج المشكلات وتستكشف الفرص والتهديدات الكامنة .

إنّ تصرّفك المستقل عن مديرك واضعاً في ذهنك احتياجات هذا المدير ( أو احتياجات الشركة ) يعني عملياً أنّك تقود .

بالتفهّم والتعاطف ستغدو مقدرتك على استباق الاحتياجات لا حدّ لها ، وبالتالي ستصبح قوّتك وتأثيرك في مكان العمل لا حدّ لها .

القيادة لا تنتظر إذناً من أحد . . إنّها إرادة وسلوك وليست منصباً


أجل ، أنت محقّ إن امتلأت غيظاً وحيرةً وأنت ترى نفسك عالقاً في تدرّجات السلطة الرسمية ، ولكن إن كنت مركّزاً على التعاطف والتفهّم لاحتياجات مديرك وشركتك –بغضّ النظر عن موقعك- فسيبقى بإمكانك تحقيق الأداء القياديّ والتأثير اللذين تطمح إليهما .

مرّت عليّ أيامٌ كنت أعمل فيها مساعداً إدارياً لرئيس شديد التحكّم والتدخّل . وأذكرُ أنّ أحد العاملين تحت مسؤولية ذلك الرئيس كان مثالاً ممتازاً لتفهّم الاحتياجات واستباق التعليمات والتوجيهات . في كل مرةٍ تُطلب منه معلوماتٌ أو توكل إليه مهمّةٌ كان يسأل نفسه : ما الذي يرمي الرئيس فعلاً إلى تحقيقه في النهاية ؟ ولماذا يريد هذه المعلومات ؟ . .

كان متفهّماً جداً إلى حدّ أنّه لم يكن يكتفي بتقديم المطلوب بل يقدّم توصياتٍ إضافية وتحليلاً للمعلومات . ولأنّ عمله كان مستنداً إلى رؤيةٍ عميقة واهتمامٍ كبير فقد كان الرئيس يسارع إلى تبنّي ما يقدّمه وما يراه . وأدّت ثقة الرئيس بذلك الزميل إلى تصاعد تأثيره إلى درجة أنّ توصياته للمشاريع أصبحت إلزامية .

وفي مكان العمل ذاته وتحت مسؤولية الرئيس نفسه كان كثير من الموظفين يرون المدير مستبداً مبالغاً في التدخّل . وما كان تفاعلهم ليتجاوز تناول نقائص ذلك المدير واجترار أخطائه – المفترضة - بحقهم وبحق الشركة . قارن بين الموقفين عزيزي القارئ وانظر كم كان موقف هؤلاء مدمّراً لأنفسهم قبل مكان عملهم .

إيّاك أن تنسى : كلّما رأيت نفسك تفكّر بأن المشكلة إنّما هي مشكلة فلان أو فلان وليست مشكلتك أنت فاعلم أنّ هذا التفكير بحدّ ذاته هو أكبر مشكلة .

ركّز على ما يمكنك أنت القيام به وستصبح في أيّ موقف قائداً لرئيسك وربّاناً لسفينة حياتك وعملك .

الثلاثاء، 14 سبتمبر 2010

من أجل مصر ... هنوقع للمطالب السبعة



بنحبك يامصر ... وهنوقع

مصر وحماس .. طبيعة العلاقة ومسارها

مصر وحماس .. طبيعة العلاقة ومسارها


دكتور / محسن صالح





تفرض روابط العروبة والإسلام واللغة والتاريخ والجغرافيا نفسها فرضاً عندما يتم الحديث عن مصر وفلسطين . وتدرك مصر أن أمنها القومي مرتبط بسلامة جناحها الشرقي في فلسطين .

في فهم الدور المصري :

وبالنظر إلى الإمكانات البشرية والمادية والقيادية لمصر في العالم العربي، فقد مارست منذ إنشاء الجامعة العربية سنة 1945 دوراً " أبوياً " ومهيمناً في الشأن الفلسطيني، وهي التي تولت قيادة الجيوش العربية في المعارك مع " إسرائيل " ، وكانت الداعم الرئيسي لإنشاء منظمة التحرير الفلسطينية ، ولحصولها على صفة الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني .

صحيح أنه قد تمّ تحييد مصر إلى حد كبير عندما وقّعت اتفاقات كامب ديفد مع "إسرائيل" في سبتمبر/أيلول 1978، وصحيح أن أداء النظام المصري قد شابه الكثير من الارتباك والتراجع خصوصاً في السنوات الماضية. ولم يستثمر النظام ما لديه من أوراق بشكل فعال سواء في أداء الدور القومي المرتجى أو في ممارسة الضغوط باتجاه انتزاع الحقوق الفلسطينية. غير أنه، وبالرغم من كل ذلك، ظل لمصر ثقلها الذي لا يمكن تجاوزه .

ومهماً يكن الخلاف بين مصر وأي من الفصائل الفلسطينية، فإن مصر لا تقطع "شعرة معاوية" مع الفصائل الفاعلة على الساحة، لأنها عند ذلك ستخسر دورها "الأبوي" وستخسر قدرتها على الإمساك بخيوط وتشابكات الوضع الفلسطيني .

وعندما يتعلق الأمر بطرفين يتنازعان الساحة الفلسطينية، فمن الصعب على مصر أن تتنازل عن "صافرة الحكم". وقد ترفع البطاقة الصفراء أو الحمراء لهذا الفريق أو ذاك، لكنها لا ترضى إلا أن تكون في وضع يجعل الجميع يقبلها (أحبوا أم كرهوا) كحكمٍ أو راعٍ .

أما عندما يتعاظم دور مصر فقد تتجاوز الإمساك بالصافرة، إلى محاولة تحديد شروط اللعبة ومواصفات المشاركين و"تأديب المشاغبين" وقد سبق لها أن وجهت "دروساً" في ذلك للحاج أمين وللشقيري بل ولعرفات نفسه .

التعامل مع حماس :

تعامل نظام الحكم في مصر مع حماس على أساس مخاوفه المعتادة من الإسلاميين، وخشيته من أن نجاح نموذج حماس قد يؤثر على وضعه الداخلي من حيث تقوية الإخوان المسلمين في مصر، أو من حيث إضعاف المسارين اللذين يتبناهما (المسار العلماني الموالي للغرب ومسار التسوية) .

وعلى هذا فقد كان صعود حماس واتساع شعبيتها وفوزها وتشكيلها للحكومة أمراً غير مرغوب. لكن مقتضيات العمل المصري في الساحة الفلسطينية جعلت نظام الحكم في مصر يتجنب الدخول في أي صراع مكشوف مع حماس .

وفي الوقت نفسه، سعت السلطات المصرية بشكل منهجي حذر لمحاولة ضبط إيقاع عمل الحركة، بحيث لا يؤثر سلباً على مسار التسوية وسلطة الحكم الذاتي، كما سعت لإبقاء هامش من العلاقة يُمكّنُ من التأثير على حماس، بل وربما تطوير هذا التأثير إلى شكل من أشكال الاستيعاب و"الترويض" .

لكن يكمن التعارض بين حماس ونظام الحكم في مصر في أمرين أساسيين، الأول: أن حماس حركة إسلامية، والثاني: أنها حركة مقاومة. وهما أمران مرتبطان بجوهر تكوين حماس، إذ إن اسم حماس الرسمي هو "حركة المقاومة الإسلامية " .

النظام المصري يتعامل بحساسية شديدة مع الحركات الإسلامية، وخصوصاً عندما يتعلق الأمر بالإخوان المسلمين الذين يمثلون المعارضة الأقوى، والوريث المحتمل للنظام، والذين تعترف حماس بالانتماء إلى جماعتهم .

ويحاول النظام المصري أن يقدم نموذجاً علمانياً ليبرالياً في الوقت الذي يهاجم فيه التيارات الأصولية التي يتهمها بالتطرف وبخدمة المشروع الإيراني في المنطقة.

ومن جهة أخرى فإن مصر اختارت مسار التسوية والسلام مع "إسرائيل" وتدعم القوى الفلسطينية التي اختطّت مسارأ مماثلاً، وترى أن العمل المقاوم في هذه المرحلة لا يخدم الواقعية السياسية، ولا يفهم حقيقة موازين القوى على الأرض، والتي تقتضي العمل من خلال الوسائل الدبلوماسية لانتزاع جانب من الحقوق الفلسطينية وإقامة الدولة الفلسطينية على الضفة والقطاع .

مدركات حماس وسياساتها

تدرك حماس هذين التعارضين وتحاول إن تطمئن النظام المصري أن عملها الإسلامي منصبٌّ على شعب فلسطين، وأنها لا تتدخل في الشؤون الداخلية للبلاد العربية، وهو ما أثبتته في السنوات الـ21 الماضية.

كما تحاول أن تؤكد أن مشروعها المقاوم مستقل ومركز في الداخل الفلسطيني، وأنه تعبير عن رغبة وإرادة قطاعات واسعة من الشعب الفلسطيني، وهو ما أثبتته الانتخابات الحرة النزيهة، وأنه ينبغي أن يُنظر لفعلها المقاوم كورقة ضغط لانتزاع الحقوق الفلسطينية وليس العكس .

وتدرك حماس أن مصر تمثل البوابة الرسمية للوصول إلى الشرعية العربية، وأنها مدخل مهم لاكتساب الشرعية في العالم الإسلامي ودول العالم الثالث .

كما تدرك حماس خطورة استعداء مصر لكونها المتنفس الوحيد لقطاع غزة، وبسبب تشابك علاقاتها ونفوذها. وتدرك حماس أنه مهما كان الخلاف مع النظام المصري مستحكماً، فإن مصر بإمكاناتها المادية والبشرية الهائلة وبانتمائها العربي والإسلامي تظل ذخراً لفلسطين ولقضيتها .

تميزت حماس بالكثير من المرونة والديناميكية، وسعت إلى توظيف العديد من نقاط التقاطع لطمأنة النظام المصري، وإظهار روح المسؤولية تجاه المصالح الوطنية الفلسطينية والمصرية. لكنها كانت تتصرف باستقلالية تامة، عندما يتعلق الأمر بهويتها الإسلامية أو بالمقاومة، أو عندما ترى أن النظام أخذ يمارس الضغط عليها لصالح مسارات لا تؤمن بها كمسارات التسوية، أو عمل ترتيبات تنتقص من حقوقها في الساحة الفلسطينية .

مسار العلاقة

كانت أول رعاية مصرية لمباحثات بين فتح وحماس في ديسمبر/كانون الأول 1995، عندما كانت السلطة الفلسطينية على مشارف الانتخابات، وقد تحقق هدف أساسي لهذه المباحثات عندما تعهدت حماس بعدم التسبب في تعطيل انتخابات رئاسة سلطة الحكم الذاتي والمجلس التشريعي ولكنها قررت في الوقت نفسه مقاطعتها.

وعندما انتقمت حماس لاغتيال الشهيد يحيى عياش بسلسلة عمليات هزت "إسرائيل"، استضافت مصر مؤتمر شرم الشيخ لمكافحة الإرهاب في أبريل/نيسان 1996، الذي شاركت فيه العديد من القوى الإقليمية والدولية، ودعمت الإجراءات القاسية التي اتخذتها السلطة الفلسطينية بحق حماس وعناصرها بما في ذلك ضرب تنظيمها، ومطاردة خلاياها العسكرية، وإغلاق مؤسساتها، وتشويه صورتها.

وعندما تم تحجيم حماس ووضعها "تحت السيطرة" في السنوات الأربع التالية، لم يشغل النظام المصري نفسه بها. غير أنه عندما انطلقت انتفاضة الأقصى، وأصبح واضحاً أن حماس تقود العمل المقاوم، فضلاً عن استرجاعها زخمها وشعبيتها، وعدم قدرة السلطة على السير في مسار التسوية أو وقف الانتفاضة دون موافقة حماس (أعلنت رئاسة السلطة وقف الانتفاضة عدة مرات في الأشهر التسعة الأولى للانتفاضة دونما فائدة)، فقد ظهرت الحاجة لضبط وتوجيه مسار العمل الوطني الفلسطيني.


ولذلك عاد الدور المصري للبروز ورعاية مباحثات فتح وحماس في نوفمبر/تشرين الثاني 2002، ويناير/كانون الثاني 2003، وديسمبر/كانون الأول 2003. وتكللت الجهود المصرية في مباحثات مارس/آذر 2005 عندما عقدت فتح وحماس وباقي التنظيمات الفلسطينية اتفاق القاهرة الذي وضع أسس العمل الفلسطيني المرحلي، وأكد على التهدئة حتى نهاية 2005 وعلى توفير المناخات المناسبة للانتخابات البلدية والتشريعية.

وهكذا أُسدل الستار عملياً على انتفاضة الأقصى، وأُتيح المجال للرئيس الجديد المنتخب محمود عباس لأخذ زمام المبادرة في ترتيب البيت الفلسطيني في الضفة والقطاع. وكان هذا ما يريده الرئيس عباس، أما باقي النقاط وخصوصاً ما يتعلق بتفعيل منظمة التحرير الفلسطينية وتطويرها، فلم تكن هناك أية جدية من قيادة فتح لتنفيذها، كما لم تكن هناك أية ضغوط من مصر تجاه تحقيقها.

كان من المتوقع مصرياً وعربياً وعالمياً أن تحقق الانتخابات انتصاراً لفتح يعطيها شرعية شعبية، ويضع حماس والآخرين في وضع الأقلية التي عليها أن تحترم رأي الأغلبية، التي وعدت قيادتها (الرئيس عباس) باستئناف عملية التسوية وبنزع سلاح المقاومة.

لكن فوز حماس أربك حسابات النظام في مصر كما أربك حسابات الآخرين. وقد أدركت حماس حجم المخاوف التي سببها فوزها، فكانت مصر هي محطة قيادتها الأولى في جولتها العربية والدولية؛ حيث حرصت على طمأنتها.

ولم يكن لدى الحكم في مصر بدٌّ (مهما كان انزعاجه) من لعب دوره "الأبوي" الراعي، ومن إظهار احترامه لنتائج الانتخابات، واعترافه الرسمي بحكومة حماس، ولكنه من الناحية العملية تعامل مع فوز حماس وحكومتها كمشكلة، وليس كتطور طبيعي في المسيرة الديمقراطية للشعب الفلسطيني، وعلى حد تعبير مسؤول مصري كبير، فقد قال لبعض قيادات حماس "إيه المصيبة دي اللي عملتوها".

وبالرغم من أن حماس شكلت حكومتها فإن التعامل الرسمي معها استمر في معظم الأوقات من خلال النافذة الأمنية، ولم يتمكن رئيس الوزراء هنية ولا وزراء حكومته من التواصل مباشرة مع أقرانهم المصريين.

كانت الحكومة المصرية تريد من حماس التناغم مع متطلبات الرباعية والالتزام بالاتفاقات التي وقعتها منظمة التحرير الفلسطينية، وقالت على لسان وزير خارجيتها إنها "لن تكون مع من يعيد عقارب الساعة إلى الوراء".

ولم تقم الحكومة بدور جدي في كسر الحصار وكانت أقرب إلى التجاوب مع الحصار وإملاءاته، منها إلى تحديه ومحاولة رفع السقف العربي والإسلامي.

كما رشحت تقارير عن تدريب السلطات المصرية لعناصر القوة الخاصة التي كان دحلان يتولى قيادتها والتي كان هناك علامات استفهام كبيرة عن دورها في الانفلات الأمني ومحاولة تشويه وإسقاط حكومة حماس. بل رشحت تقارير أخرى عن توبيخ مسؤولين مصريين لدحلان على التقصير والعمل بعفوية أدت لتمكين حماس من السيطرة على قطاع غزة بسهولة مما تسبّب بالإضرار بأمن مصر القومي.

أثارت سيطرة حماس على القطاع استياء النظام المصري، واعترف فقط بالرئيس عباس وحكومة الطوارئ التي شكّلها في رام الله. وأبقى على خيط علاقته مع حماس، وظل هو الوسيط المعتمد لإنجاز صفقة تبادل الأسرى وتحرير الجندي الإسرائيلي شاليط، كما ظل الوجهة المعتمدة من فتح وحماس وباقي الفصائل لرعاية الحوار الفلسطيني، لكنه تابع إغلاق معبر رفح وهو ما جعل حماس (وكثيرا من الفلسطينيين والعرب والمسلمين وغيرهم) يعتبرونه شريكاً في الحصار، وفي محاولة إسقاط وإفشال حماس وحكومتها.

وقد برّر النظام المصري موقفه بالتزامه بالاتفاقيات الدولية، وباتفاقية المعابر بين السلطة الفلسطينية و"إسرائيل". لكن ذلك لم يكن مقنعاً للكثيرين فمصر ليست طرفاً في اتفاقية المعابر، كما أن مدة اتفاقية المعابر كانت سنة واحدة انتهت في نوفمبر/تشرين الثاني 2006، ولم يتمّ رسمياً تجديدها ثم إن "إسرائيل" نفسها لم تحترم هذه الاتفاقية وقامت بخرقها مئات المرات واستخدمتها أداة لإذلال وتركيع الفلسطينيين.

وكان مقتضى الواجب القومي المصري فتح معبر رفح خصوصاً أن "إسرائيل" تدَّعي ليل نهار أنها قد انسحبت من القطاع وأنه ليست مسؤولة تجاهه.

قامت حماس ومعها مئات الآلاف من الشعب الفلسطيني باختراق معبر رفح في يناير/كانون الثاني 2008 بعد أن اشتد الحصار الإسرائيلي، وقد أثار ذلك حرج مصر وغضبها، لكنها قررت امتصاص التعاطف الهائل الذي لقيه سلوك أهل القطاع، بالسماح لهم بالتسوق بضعة أيام، ثم ما لبثت أن أعادت غلق معبر رفح من جديد، بينما هدد وزير الخارجية المصري بكسر سيقان من يعبر الحدود.

وأصبح واضحاً لدى الكثير من المحللين أنه يتم التعامل مع قطاع غزة بأسلوب "طنجرة الضغط" الموضوعة تحت النار، والتي عندما تقترب من الانفجار تقوم "صفارة الأمان" بالتنفيس عن بعض البخار (فتح المعابر مؤقتاً) غير أن "الطبخة" تستمر في انتظار إنضاجها (سقوط حكومة حماس).

وعلى الرغم من شعور حماس بالامتعاض نتيجة ما تراه من موقف مصري متحيز، فإنها قبلت من جديد الرعاية المصرية للحوار بين فتح وحماس ولعملية المصالحة الفلسطينية وهي العملية التي انتهت بقرار حماس عدم الذهاب للمؤتمر، الذي كان مقرراً في أكتوبر/تشرين الأول 2008، ومعها ثلاثة فصائل فلسطينية أخرى، لأنها شعرت أن الشكل الذي سينعقد هو شكل احتفالي يتم فيه إعطاء الغطاء للتمديد لعباس، بينما تحال باقي القضايا الجوهرية للجان، حيث ستضيع في دهاليزها كما حدث سابقاً، في الوقت الذي تكون فيه السلطة (وربما مصر) قد حققت ما تريد من المؤتمر، واستشهدت حماس بعدم جدية عباس في المصالحة بعدم إطلاق سراح سجنائها لدى السلطة الفلسطينية.

وقد أثارت مقاطعة حماس للمؤتمر استياء مصر، التي بذلت الكثير للترتيب له ولإنجاحه، واعتبرته إساءة لها، وألقت اللوم على حماس. وهكذا، جاء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في أجواء مشحونة بين مصر وحماس، ووسط شائعات برغبة بعض القيادات المصرية "بتأديب مشاغبي حماس".

نشيد الحياة مدت يداها

نشيد الحياة مدت يداها



نشيد جميل جداً من روائع الأناشيد اليمنية للمنشدين عصام الحميدي و الفنان سليمان العراقي والحان الفنان الرائع أمين حاميم .

إنه نشيد الحياة مدت يداها من البوم ليش يازمن .

يمكنكم تحميل النشيد بجودة عالية من هنـــــــــــا

دمتم بخير .

ولا تحرمونا دعاءكم .

الاثنين، 13 سبتمبر 2010

الملل الدعوي

الملل الدعوي

الأستاذ / فتحي يكن


الملل والسأم والضجر، من الظواهر المرضيَّة التي يمكن أن تصيب العمل الإسلامي والعاملين للإسلام، وقد تدفع بهم في النتيجة الى قعر الإحباط واليأس !

و إنَّ أيَّ حالة ركودٍ وعدم تحرُّكٍ، وجمودٍ وعدم تطوُّرٍ، وقعودٍ وعدم تجدُّدٍ، ستنتهي حتمًا بالتوقُّف، وهي ستموت ، ولن يُكتَب لها الحياة بحالٍ من الأحوال !


سبب ذلك أنَّ التجديد والتجدُّد، والتطوير والتطوُّر ، سنَّةٌ إلهيَّةٌ لاستمرار الحياة . . وبدونها لا تكون حياةٌ ولا استمرار لهذه الحياة . . حتى الإسلام - وهو منهج الله تعالى ورسالته الخاتمة - تجري عليه هذه السنَّة، التي هي سبب استمراره وحفظه، والتي أشار إليها الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله : " إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كلِّ مائة سنةٍ مَن يُجدِّد لها دينها " رواه أبو داود ، ورجاله ثقات .

الفصول الأربعة ، هي حالة من حالات التجدُّد المناخيِّ اللازم لاستمرار الإنسان والحياة .

تعاقب الليل والنهار هو حالة تجدُّدٍ عضويٍّ ومعنويٍّ للإنسان والحياة .

الحياة الأسريَّة ، والعلاقة الزوجيَّة ، لابدَّ لها من تجدُّدٍ حتى تستمرَّ متألِّقةً متجانسةً وسعيدة ، وعدم حصول ذلك يمكن أن يفسخها ويدمِّرها .

إنَّ كلَّ ما في الكون من مخلوقاتٍ لا يمكن إلا وأن يخضع لهذا القانون الإلهيِّ ليتمكَّن من المحافظة على ديمومته واستمراره .


الإيمان نفسه - الذي يمثِّل حالة العافية العقديَّة لدى الإنسان - هو يخضع أيضًا لنفس المعادلة ، والحديث النبويُّ يؤكِّد ذلك على لسان الرسول صلى الله عليه وسلم حيث يقول : " إن الإيمان ليخلق في جوف أحدكم كما يخلق الثوب، فسلوا الله تعالى أن يجدد الإيمان في قلوبكم " رواه الطبراني بسندٍ حسن ، وكان صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم يتنادون لتجديد الإيمان .

والصلاة ما لم تتجدَّد من خلال تنوُّع القراءة ، وتحسُّن التلاوة ، وتنامي الحضور ، يمكن أن تفقد طعمها وأثرها وبالتالي يُعطَّل دورها كأداة للتربيةٍ ووسيلة للتزكية ، مصداقًا لقوله تعالى : ( إِنَّ الصَّلاَةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَر ) .

وإذا عدنا الى المشكلة المطروحة ، والمتعلِّقة بالملل الذي يشعر به أحدنا إن كان مسئولاً عن إدارة مجموعةٍ وتعهُّدها بالتوعية والتوجيه ، لطالعتنا نفس العلَّة ، ومَثُلت أمامنا الأسباب .

فالشخص الذي لا يتغيَّر ، ويبقى هو نفسه الذي يعطي ويتابع ويدير ، بالرغم من تغيُّر المراحل والظروف ، سيكون مدعاةً لملل الآخرين منه وملله منهم .

والموجِّه والخطيب والداعية والمرشد الذي لا يقدِّم جديدًا سيكون مملاً في توجيهه وخطبته وإرشاده ، ومثل هؤلاء كمثل الطبيب الذي إن لم يسعَ دائمًا وباستمرارٍ إلى زيادة ثقافته الطبيَّة ، ومتابعة مستجدَّات المهنة سيصبح تقليديًّا بالتالى ، ويعيش على هامش الحياة الطبيَّة ، وشأنه كذلك كشأن المهندس والمحامي والصناعي والتاجر والمعلِّم وغيرهم إذا هم رضوا بواقعهم ولم يعملوا على التجديد والتطوير في إمكاناتهم .

إنَّه لابدَّ من إعادة النظر في المربِّي ، ومنهج التربية ، وآلية ووسائل التربية ، وفي تغيُّر المكان والزمان ، فليست كلُّها سواء .

وفوق هذا وذاك فمطلوبٌ من المربِّي ، أن تكون تربيته بلسان حاله قبل لسان مقاله ، ذلك أنَّ لسان الحال أوقع من لسان المقال ، وصدق عليُّ بن أبي طالبٍ حيث يقول : " من نصَّب نفسه للناس إمامًا فليبدأ بتعليم نفسه قبل تعليم غيره ، وليكن تهذيبه بسيرته قبل تهذيبه بلسانه ، ومعلم نفسه ومهذبها أحقُّ بالإجلال من معلِّم الناس ومهذبهم " .
وهذه المشكلة تعكس حالة الجمود وعدم التجدُّد في واقع العمل الإسلامي المعاصر ، فضلاً عن التخلُّف عن واقع العصر وعدم الأخذ بالأسباب والإمكانات المتوافرة فيه .

إنَّ السبب الرئيسي لهذه المشكلة يكمن في سوء فهم المقاصد التربويَّة والدعويَّة ، وبذلك تبقى " التربية " استفادةً بدون إفادة ، كما تبقى " الدعوة " أخذًا بدون عطاء .

أمَّا المنهج الإسلامي - قرآنًا وسنَّةً وسيرةً وتاريخًا - فيَعتبر العطاء ثمرة الأخذ والتلقِّي ، مصداقًا لقوله صلى الله عليه وسلم : " بلِّغوا عنِّي ولو آية " رواه البخاري والترمذي .

وهل أدلّ على هذا المعنى من قوله تعالى : ( لاَ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ ) ؟ .

وفي ضوء هذا التصوُّر تصبح " التربية " كما " الدعوة " مفرداتٍ في إطار " المشروع الإسلاميِّ " الذي يهدف إلى إصلاح وتغيير الواقع الاجتماعيِّ ، كما يصبح لكلِّ فردٍ دوره في هذا المشروع .

النظريَّة التربويَّة :

إنَّ هذه الاعتبارات الموضوعيَّة وغيرها تفرض على الحركة الإسلاميَّة أن تعمل على إعادة النظر في نظريَّتها التربويَّة ، وتعمد إلى تطويرها بما يتكافأ والدور الموكول إليها .

إنَّ النظريَّة التربويَّة للمشروع الإسلاميِّ يجب أن ترتقي من إطار تربية الشريحة إلى مساحة تربية الأمَّة ، وإلى نظريَّةٍ تصلح لأن تُبنى عليها السياسات التربويَّة في المؤسَّسات الأهليَّة والرسميَّة على حدٍّ سواء .

النظريَّة الدعويَّة :

وما يُقال عن ضرورة إعادة النظر في النظريَّة التربويَّة يجب أن يُقال كذلك في النظريَّة الدعويَّة ، تربيةً وخطابًا وأداءً ونهجًا ووسائل وآليات .

لم يعد جائزًا بقاء الدور الدعوي محصورًا في خطبة الجمعة والمناسبات التاريخيَّة - على كبير أهمِّيتها وقيمتها - فالمجتمع من حيث المساحة يتعدَّى مساحة المسجد والقاعة أو المنتدى ، والدعوة يجب أن تصل إلى كلِّ موقعٍ وتبلغ كلَّ قطاع ، ليتحقَّق الشهود العام على الناس ، أفرادًا ومؤسَّسات ، ( لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ ) .

والنظريَّة الدعويَّة - منهجيَّة ومادَّة - غير محصورةٍ بطبقةٍ معيَّنةٍ من الناس ، فهي ليست وظيفة علماء الشريعة وحدهم - على سبيل المثال - وإنَّما هي وظيفة الجميع في كلِّ مواقعهم واختصاصاتهم ومنابرهم .

من خلال هذا التصوُّر يبقى المسجد منبرًا دعويًّا رئيسيًّا ، مضافًا إليه المنبر التعليميُّ " المدرسيُّ والجامعيُّ " ، والمنبر الإعلاميُّ ، والمنبر الاجتماعيُّ الخيريُّ ، والمنبر النيابيُّ والسياسيُّ ، وسائر المنابر الأخرى .

إنَّ النظريَّة التربويَّة والدور الدعويَّ يجب أن يتجاوزا حدود الشريحة الإسلاميَّة الواحدة ليبلغا آفاق الأمَّة الإسلاميَّة ، فضلاً عن آفاق العالم أجمع ، تحقيقًا لعالميَّة الخطاب القرآني الدعوي : ( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ ) .

المصدر : موقع ينابيع تربوية

الأحد، 12 سبتمبر 2010

المتنبي وجمع المال





مصر وفلسطين ... لا ينفكان

التفكير المؤجل

التفكــير المؤجــل


ظاهرة تجمد العقل والاجتهاد وندرة الأفكار والافتقار إلى الرؤى والتصورات والأفكار والخطط الإستراتيجية ، وغياب القدرة على تجاوز التحديات والتخلف عن ركب الحياة تسترعي الاهتمام وتوجب الانتباه - سؤال طرحته على عقلي واطرحه الآن على كل مخلص في هذه الأمة ــ وأتمنى على الله تعالى أن يسترعى الباحثين والمفكرين والكتاب ليكون محل اهتمامهم وبحثهم بشكل مفصل من خلال دراسة شاملة ومستفيضة حول هذه الظاهرة الخطيرة وأسبابها ونتائجها على الواقع القريب والبعيد .

وقد وجدت لهذا السؤال جزءاً من الإجابة لعله يكون مفتاحاً لجهود لاحقة إن شاء الله .

لا نفكر ... للأسباب التالية :

- كثرة إلف المحاكاة والتقليد .

- ترحيل مهمة التفكير إلى مديرينا ومسئولينا وقادتنا والآخرين من حولنا . وأحياناً ندعو تراثنا وأئمتنا الأموات للتفكير بدلاً منا .

- الوقوع فريسة للفكرة الخاطئة التي توحي بأن التراث الإسلامي كامل ومن ثم فلا حاجة للتفكير والنقل أفضل وأوثق من المخاطرة بالتفكير وإعادة الإنتاج والتجديد .

- كثافة وسرعة تفكير وإنتاج المجتمعات الأخرى المتقدمة والاستسلام للفكرة السلبية أنه لا داعي للتكرار خاصة والعالم المتقدم أسبق وأفضل .

- الإحساس بالضعف والعجز والافتقار إلى أدوات التفكير والبحث، ومن ثم الإحساس القاتل والمدمر بالدونية أمام الآخر .

- الميل والاستسلام لداعي الكسل والراحة والخمول خاصة في ظل غياب مشروع عام جامع وحاشد لمواهب وأفكار وموارد وطاقات الأفراد والمجتمع.

- تعرض البنية العقلية للضعف والاهتراء نتيجة طول فترة عدم الاستخدام والتعطل عن العمل وإهمال تدريب وتأهيل العقل وتعزيز قدرته على التفكير والإنتاج الفكري.

- الفقر الشديد للجامعات أو الأقسام وحتى للأدبيات المتخصصة في مجال العقل ومناهج التفكير .

- الحرب على المبدعين وممارسة كافة أنواع القهر والاستبداد والحصار ضدهم لأجل مصالح مادية وأهواء شخصية .

- انتشار وسيادة الاستبداد العقلي والنفسي من الكبير على الصغير ومن المسئول على الفرد العادي ومن المدير على الموظف ومن الزوج على الزوجة مما قاد إلى حالة كبيرة من الحصار على العقل ودعوته إلى الاستسلام للأمر الواقع .

- الخطأ والانحراف الكبير في فهم و منهجية التعامل مع نصوص الدين بتقديم العقل على إعمال العقل بل وربما امتد الأمر إلى إلغاء العقل وتوصيف ذلك على انه من دواعي سلامة وقوة الإيمان .

- غياب الحافز على التفكير والإبداع والابتكار .

- عدم توافر البيئة الحاضنة نفسياً ومادياً وعلمياً وأدواتياً على التفكير .

- انتشار ظاهرة الإعراض عن التفكير حتى تحولت إلى ثقافة عامة لا تهتم بالتفكير أو الإبداع؛ بل امتد الأمر إلى التنافس المحموم في المحاكاة والتقليد واستيراد الأفكار كما المنتجات من الآخر .

الأسباب الإستراتيجية في تعطيل العقل العربي وجموده عن التفكير والإبداع

يرتبط الإبداع والتطوير والتنمية والنهضة مباشرة بفاعلية إعمال العقل ومدى تنشيطه وتفعيله واستغلاله بصورة جيدة ومن ثم قدرته على إنتاج وتوليد الجديد والمبدع من الأفكار والابتكارات في شتى مجالات الحياة. ولاشك أن تعطيل العقل العربي أو تجميده أو عدم تفعيله بشكل كاف خلال مراحل تاريخية سابقة قد ساهم بشكل كبير في حالة التخلف والتردي التي نعيشها اليوم في العديد من مجالات حياتنا مما يتطلب منا مزيداً من إلقاء الضوء على هذا الموضوع العام لكشف وإجلاء الحقيقة ووضع الأمور في نصابها الصحيح وإعادة الاهتمام بقضية إزالة كافة أسباب تعطيل أو تقييد حرية العقل عن التفكير والإبداع بل وتوفير كافة أسباب وأدوات دعوة وتنشيط العقل العربي نحو التفكير والإبداع .

الأسباب التاريخية لتجميد حركة العقا عن التفكير والإبداع :

1- أسباب سياسية عامة بسبب فرض وتعميم وتوريث ثقافة الكبت والقهر السياسي والتي تترسب في الوجدان الإنساني لتتوارثها الأجيال جيلاً بعد جيل فتؤثر السلامة في عدم التفكير والانصياع والانقياد للآخر .

2- سوء فهم الدين وجمود التعامل مع النصوص والاكتفاء بنقل موروث إعمال عقل وتفكير واجتهاد السابقين في العصور الماضية، وتأكد ذلك رسمياً بإعلان العلماء إغلاق باب الاجتهاد مع نهاية العصر العباسي تقريباً تحت حجة وستار الحفاظ على الدين من الدخلاء غير الأكفاء .

وللأسف الشديد ساهم ذلك في تشويه صورة الدين في نفوس العامة وفتنتهم خاصة أمام إبهار التقدم الغربي، حيث لم يجدوا أمامهم تصوراً للدين إلا بربطه بالعصور السابقة. فتم تجميد النص ولم يجد من العلماء من يقوم بمهمة تطوير النظر في النص والتعامل معه وفق معطيات وآليات العصر الحديث .

3- تخلف طرق التعليم وبناء البشر في العالم العربي والتي تعمدت إبطال العقل العربي وتجميده عن العمل والتفكير والإبداع والابتكار، وذلك بفعل يد المستعمر الغربي والعربي الجاهل .

4 - انتشار وسيادة ثقافة التبعية والتقليد والمحاكاة ومن بعدها الانحدار الأشد إلى ثقافة الاستهلاك في كل شيء بداية من الطعام والشراب والملبس والمأكل إلى الثقافة والفكر وربما المعتقد عند البعض .



الدكتور ابراهيم الديب

نشيد إيجا العيد



رمضان كريم

لنكن ربانيين لا رمضانيين



ها هو رمضـان قد انتهى فمن كان يعبد رمضان فإن رمضان قد فات ومن كان يعبد الله فإن الله حى لا يمـوت لقد انتهى شهر الصيام انتهى شهر القيام والقرآن انتهى شهر البر والجود والإحسان ربح فيه من ربح وخسر فيه من خسر فليت شعرى من المقبول منا فى رمضان فنهنيه ومن من المطرود المحروم منا فنعزيه .

فيا عين جودى بالدمـع من أسف على فراق ليالـى ذات أنـوارِ
على ليالى لشهر الصـوم ما جعلت إلا لتمحيـص آثــام وأوزارِ
ما كـان أحسننا والشمل مجتمـع منا المصلى و منا القانط القارى
فابكوا على ما مضى فى الشهر و اغتنموا ما قد بقى إخوانى من فضل أعمارى
نعم فضل شهر رمضـان على سائر الشهور والأزمان واختصه بكثير من رحماته وبركاته ويسر الله فيه الطاعة لعباده مما لا يحتـاج إلى دليل أو برهـان نرى المسلمين فى رمضان ينطلقون بأريحية ويسر إلى طاعة الرحيم الرحمن جل وعـلا، ولم لا ؟! وقد غُلِّقت أبـواب الجحيم وفتحت أبـواب النعيم وغـل فيه مـردة الجن والشياطين .


نرى الناس تقبل على طاعة الله وعبادته بأريحية عجيبة ولكن وللأسف الشديد نرى كثـيراً ممن عطروا بأنفاسهم الذكية المساجـد فى رمضان يعرضون عن طاعة الله رب البرية بعد رمضان، وكأنهم فى رمضان يعبدون ربا أخر .

حرص الكثير على قراءه القرآن فى شهر القرآن وختمه ربما أكثر من مرة إن القـرآن حياة القلوب والأرواح القرآن حياة النفوس والصدور القرآن حياة الأبدان القرآن شراب النفس وطعامها فهل يستغن مؤمن عن روحه ؟! هل يستغن مؤمن عن أصل حياته إن القرآن يهدى للتى هى أقوم فلا تضيعوا هذا الطريق ولا تنصرفوا عنها .

إن طرف القـرآن بيد الله وإن طرفه أيديكم فإذا تمسكتم بهذا الحبل المتين لن تضلوا ولن تهلكوا أبداً وهـل يستغنى أحد عن أن يكلمه الله فى اليوم مرات فمن أراد أن يكلم الله فليدخل فى الصلاة ومن أراد أن يكلمه الله فليقرأ القرآن وهل تستغنى عن ربك أيها الموحد ؟! لا تضيع القرآن بعد رمضان ،واعلم أن الله قد مَنَّ عليك بالقرآن فى رمضان فجعلت لنفسك ورداً يومياً فلماذا بعد رمضان تركت هـذا الورد ووضعت المصحف فى علبته كأنك لن تحتاج إليه إلا فى رمضان المقبل ؟!

إذا كنت تحافظ على الأذكار والاستغفار فى رمضان فهل تستغن عن هذا الزاد بقية العام إن الذكر شفاء من الأسـقام ومرضاة للرحمن ومطردة للشيطان فرطب لسانك دوماً بذكـر الرحيم الرحمـن جل وعلا .

فاذكر الله جلا وعـلا لتكون دوماً فى معيته سبحانه وتعالى والمعية نوعان : معية عامة ومعية خاصة أما المعية العامة فهى معية العلم والمراقبة والإحاطة والمعية الخاصة فهى معية الحفظ والنصر والعـون والمدد والتأييد ، فهل تستغن أيها المؤمن عن معية الله جل وعلا ؟!! فإذا أردت ذلك فداوم على الذكر ولا تضيع هذا النور أبداً
فى رمضـان وُفقنا بفضل الله ورحمته ومنته إلى صـلاة التراويح والقيام فلماذا لا تستمر على هذا الدرب المنير ؟.. لماذا تضيع القيام بالليل

ما منا أحد إلا وتاب وأناب إلى الله فى رمضان فهل معنى ذلك أنه إذا انتهى رمضان انتهى زمن التوبة ولا نحتاج إلى توبة وأوبة إلى الله جل وعلا ؟!

وانظر إلى حال الكثير من المسلمين تجد أن الكثير منهم ينفلتون يوم العيد إلى المعاصى والشهوات وكأنهم كانـوا فى سجن وبمجرد أن تم الإفـراج عنهم مغرب اليوم الأخـير من رمضان انطلقوا وكأنهم خرجـوا من هذا السجن وسرعان ما انكبوا على أنواع المعاصى والشهوات كجائع انكب على الطعام من شدة الجـوع الذى أَلَمَّ به ، ولا حول ولا قوة إلا بالله ذلك ليس بحال المؤمن الموحـد فإن المؤمن الموحـد عمره كله عنده عبادة لرب الأرض والسماوات فتجـده ينتقل من عبودية إلى عبودية ومن طاعـة إلى طاعة ومن فضل إلى فضل لذا يجب عليك أن تكون دائماً فى عبودية حـتى تلقى رب البرية ،

أخيرا ذقت حلاوة الإيمان وعرفت طعم الإيمان عرفت هذا فى رمضان ما منا من أحد صام وقام رمضـان وقام ليلة القـدر إلا وذاق هذه الحلاوة حلاوة شرح الصدر وسرور القلب عرفت فالزم الزم هذا الضرب المنير واستقم على هذا الصراط المستقيم ففى الصحيحين من حديث عائشة رضى الله عنها أن النبى صل الله عليه وسلم قال : (( يا أيها الناس عليكم من الأعمال ما تطيقون فإن الله لا يمل حتى تملوا . وإن أحب الأعمال إلى الله ما دووم عليه وإن قل )) .

ونهاية أخى الكريم أختى الكريمة ليكن شعارنا من الآن ربانيون لا رمضانيون ولنستعن بالله ولندعوه على الثبات على الطاعة بعد شهر رمضان .


المصدر : مدونة د / أبومروان

الخميس، 9 سبتمبر 2010

كل عام وأنتم بخير

عدنا مرة أخرى بفضل الله تعالى


أحبابي زوار مدونتي الكرام :


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أحمد الله عز وجل أن بلغنا رمضان هذا العام وأسأله سبحانه وتعالى أن يتقبل منا طاعتنا وأن نكوم من عتقائه من النار .


أحبتي في الله ، طال الغياب عنكم فازددت حباً لكم وأسأل الله أن يديم الحب بيننا وأن يجمعنا إن شاء الله في ظل عرشه يوم القيامة إخواناً على سرر متقابلين .


كل عام وأنتم إلى الله أقرب وعلى طاعته أدوم ومن جنته أقرب وعن ناره أبعد إن شاء الله ، وإن شاء الله نواصل التدوين من جديد متمنين أن تمدونا بملاحظاتكم التي نستفيد منها دائماً إن شاء الله .